وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: أَنَا أُعْطِيكَهَا مَعَ ظُرُوفِهَا. فَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهَا قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ ظُرُوفَهَا كَالْمُتَّصِلَةِ بِهَا التَّابِعَةَ لَهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهَا قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ الظُّرُوفَ عَيْنُ مَالِهِ، فَلَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهَا، كَالْمُنْفَصِلَةِ عَنْهَا. (٥٦٥١) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ بِحَالِهَا، إلَّا أَنَّ الصَّقْرَ الْمَتْرُوكَ عَلَى الثَّمَرَةِ مِلْكُ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ يَنْزِعُ الصَّقْرَ، وَيَرُدُّ الثَّمَرَةَ، وَالْحُكْمُ فِيهَا إنْ نَقَصَتْ أَوْ لَمْ تَنْقُصْ، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
وَإِنْ قَالَ: أَنَا أُسَلِّمُهَا مَعَ الصَّقْرِ وَالظُّرُوفِ. فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا. وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَكَمْنَا أَنَّ لَهُ رَدَّهُ، إذَا قَالَتْ: أَنَا أَرُدُّ الثَّمَرَةَ، وَآخُذُ الْأَصْلَ. فَلَهَا ذَلِكَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالْآخَرِ، لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. مَبْنِيَّانِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوْضِعِهَا.
[فَصْل كَانَ الصَّدَاق جَارِيَة فَوَطِئَهَا الزَّوْج عَالِمًا بِزَوَالِ مِلْكه]
(٥٦٥٢) فَصْلٌ: إذَا كَانَ الصَّدَاقُ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ، عَالِمًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ، وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لِسَيِّدَتِهَا، أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لِمَوْلَاتِهَا، فَلَا يَسْقُطُ بِبَذْلِهَا وَمُطَاوَعَتِهَا، كَمَا لَوْ بَذَلَتْ يَدَهَا لِلْقَطْعِ، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلْمَرْأَةِ.
وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ جَمِيعِهَا، كَمَا حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَوْ كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَا حَقَّ نَسَبُهُ بِهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ وِلَادَتِهِ، وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ فِيهَا، وَتُخَيَّرُ الْمَرْأَةُ بَيْنَ أَخْذِهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا، وَبَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ نَقَصَهَا بِإِحْبَالِهَا، وَهَلْ لَهَا الْأَرْشُ مَعَ ذَلِكَ؟ يَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الْأَرْشَ؛ لِأَنَّهَا نَقَصَتْ بِعُدْوَانِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَقَصَهَا الْغَاصِبُ بِذَلِكَ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأَرْشِ هَاهُنَا قَوْلَانِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ، قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ النَّقْصَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ الَّذِي تَعَدَّى بِهِ، فَهُوَ كَالْغَاصِبِ، وَكَمَا لَوْ طَالَبَتْهُ فَمَنَعَ تَسْلِيمَهَا. وَهَذَا أَصَحُّ.
[فَصْلٌ أُصَدِّق ذِمِّيّ ذِمِّيّه خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ فِي يَدهَا]
(٥٦٥٣) فَصْلٌ: إذَا أَصْدَقَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّهُ خَمْرًا، فَتَخَلَّلَتْ فِي يَدِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ زَادَتْ فِي يَدِهَا بِالتَّخَلُّلِ، وَالزِّيَادَةُ لَهَا، وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ، فَلَا قِيمَةَ لَهَا، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا زَادَتْ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ حِينَ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْقَبْضِ، وَحِينَئِذٍ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَإِنْ تَخَلَّلَتْ فِي يَدِ الزَّوْجِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَلَهَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخَلُّ لَهُ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا، إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ أَسْلَمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute