كَسْبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ، وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا، وَلَا يَمْلِكُ بِهِ كَسْبَهَا، فَأَشْبَهَتْ أَمَتَهُ الْقِنَّ، أَوْ مَا قَبْلَ إسْلَامِهَا، وَلِأَنَّ الْمِلْكَ سَبَبٌ لِهَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ، وَالْحَادِثُ مِنْهُمَا لَا يَصْلُحُ مَانِعًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَمْنَعُ مِنْهُمَا، بِدَلِيلِ مَا قَبْلَ إسْلَامِهَا، وَالْإِسْلَامُ لَا يَمْنَعُ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ وُجِدَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا، وَاجْتِمَاعُهُمَا لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ، أَفْضَى إلَى هَلَاكِهَا وَضَيَاعِهَا، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَاضِلَ كَسْبِهَا، فَيَلْزَمُهُ فَضْلُ نَفَقَتِهَا، كَسَائِرِ مَمَالِيكِهِ.
[مَسْأَلَةٌ أُمَّ الْوَلَد أَمَةٌ وَكَسْبُهَا لِسَيِّدِهَا]
(٨٨٦٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، فَمَا كَانَ فِي يَدِهَا مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهَا) إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَد أَمَةٌ، وَكَسْبَهَا لِسَيِّدِهَا، وَسَائِرَ مَا فِي يَدِهَا لَهُ، فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا فَعَتَقَتْ، انْتَقَلَ مَا فِي يَدِهَا إلَى وَرَثَتِهِ، كَسَائِرِ مَالِهِ، وَكَمَا فِي يَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَتُخَالِفُ الْمُكَاتَبَةَ؛ فَإِنَّ كَسْبَهَا فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا لَهَا، فَإِذَا عَتَقَتْ، بَقِيَ لَهَا، كَمَا كَانَ لَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ.
[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى لِأُمِّ الْوَلَد بِمَا فِي يَدِهَا]
(٨٨٦٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَوْ أَوْصَى لَهَا بِمَا فِي يَدِهَا، كَانَ لَهَا، إذَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأُمِّ الْوَلَدِ تَصِحُّ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَائِلِينَ بِثُبُوتِ حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٍ، عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ أَرْبَعَةِ آلَافٍ. وَلِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ فِي حَالِ نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ لَهَا؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا يَتَنَجَّزُ بِمَوْتِهِ، فَلَا تَقَعُ الْوَصِيَّةُ لَهَا إلَّا فِي حَالِ حُرِّيَّتِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إذَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ. فَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ كُلَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا فِي الثُّلُثِ فَمَا دُونَ، وَهَذَا مِنْهَا، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِلَّا رُدَّ إلَى الْوَرَثَةِ. وَلَا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَلَا تُحْتَسَبُ مِنْ الثُّلُثِ، كَقَضَاءِ الدُّيُونِ، وَأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ.
[فَصْلٌ أَوْصَى لِمُدَبَّرِهِ أَوْ مُدَبَّرَتِهِ]
(٨٨٦٨) فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى لِمُدَبَّرِهِ أَوْ مُدَبَّرَتِهِ، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ تَبَرُّعٌ، فَكَانَ مِنْ الثُّلُثِ، كَالْوَصِيَّةِ. فَإِنْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ، وَكَانَ مَا أَوْصَى بِهِ لَهُ، وَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ، فَأَشْبَهَتْ الْوَصِيَّةَ لِأُمِّ وَلَدِهِ. وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ، اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ مِنْ الثُّلُثِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute