وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ مُسْتَطَابٌ، لَيْسَ بِذِي نَابٍ وَلَا مِخْلَبٍ، فَيَحِلُّ، كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَلِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الْمُبِيحَةِ. وَأَمَّا الْآيَةُ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُونَ بِدَلِيلِ خِطَابِهَا، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ. وَحَدِيثُ خَالِدٍ لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ. قَالَهُ أَحْمَدُ. قَالَ: وَفِيهِ رَجُلَانِ لَا يُعْرَفَانِ، يَرْوِيهِ ثَوْرٌ عَنْ رَجُلٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. وَقَالَ: لَا نَدَعُ أَحَادِيثَنَا لِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمُنْكَرِ.
[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ الْأَرْنَبِ]
(٧٧٩٦) فَصْلٌ: وَالْأَرْنَبُ مُبَاحَةٌ، أَكَلَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَرَخَّصَ فِيهَا أَبُو سَعِيدٍ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَائِلًا بِتَحْرِيمِهَا، إلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَخَذْتهَا، فَجِئْت بِهَا إلَى أَبِي طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا - أَوْ قَالَ - فَخِذِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبِلَهُ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ، أَوْ صَفْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، «أَنَّهُ قَالَ: صِدْت أَرْنَبَيْنِ، فَذَبَحْتهمَا بِمَرْوَةِ، فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهَا حَيَوَانٌ مُسْتَطَابٌ، لَيْسَ بِذِي نَابٍ؛ فَأَشْبَهَ الظَّبْيَ.
(٧٧٩٧) فَصْلٌ: وَيُبَاحُ الْوَبَرُ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو يُوسُفَ. وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ مُحَرَّمٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، إلَّا أَبَا يُوسُفَ.
وَلَنَا، أَنَّهُ يُفْدَى فِي الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ، وَهُوَ مِثْلُ الْأَرْنَبِ، يَعْتَلِفُ النَّبَاتَ وَالْبُقُولَ، فَكَانَ مُبَاحًا كَالْأَرْنَبِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَعُمُومُ النُّصُوصِ يَقْتَضِيهَا، وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْرِيمٌ، فَتَجِبُ إبَاحَتُهُ.
[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ الْيَرْبُوعِ]
(٧٧٩٨) فَصْلٌ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْيَرْبُوعِ، فَرَخَّصَ فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ مُحَرَّمٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا. وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْفَأْرَ. وَلَنَا، أَنَّ عُمَرَ حَكَمَ فِيهِ بِجِفْرَةٍ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْرِيمٌ. وَأَمَّا السِّنْجَابُ، فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْهَشُ بِنَابِهِ، فَأَشْبَهَ الْجُرَذَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْيَرْبُوعَ، وَمَتَى تَرَدَّدَ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ، غَلَبَتْ الْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَعُمُومُ النُّصُوصِ يَقْتَضِيهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute