عَلَى الْبَاقِي.
وَإِنْ قُلْنَا: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَجَبَ لَهُ الثَّمَنُ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ، وَيَبْرَأُ. وَإِنْ قُلْنَا: يُقْسَمُ. قُسِمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا، وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَاقِي. وَإِنْ كَانَ التَّارِيخَانِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَوْ كَانَتَا مُطْلَقَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً، وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةً، ثَبَتَ الْعَقْدَانِ، وَلَزِمَهُ الثَّمَنَانِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَمْلِكَهَا الْآخَرُ، فَيَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِذَا أَمْكَنَ صِدْقُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَجَبَ تَصْدِيقُهُمَا. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِي اثْنَانِ، فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي الْمُحَرَّمِ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي صَفَرٍ، يَكُونُ الشِّرَاءُ الثَّانِي بَاطِلًا؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْأَوَّلِ، لَمْ يُبْطِلُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ الثَّانِي ثَانِيًا، وَفِي مَسْأَلَتِنَا ثُبُوتُ شِرَائِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُبْطِلُ مِلْكَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ ثَانِيًا مِلْكَ نَفْسِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْبَائِعُ مَا لَيْسَ لَهُ، فَافْتَرَقَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُطْلَقَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُهُمَا وَاحِدًا، فَيَتَعَارَضَانِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، فَلَا تُشْغَلُ بِالشَّكِّ. قُلْنَا: إنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ صِدْقُ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَجَبَ تَصْدِيقُهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ شَكٌّ، وَإِنَّمَا يَبْقَى الْوَهْمُ، وَالْوَهْمُ لَا تَبْطُلُ بِهِ الْبَيِّنَةُ، لِأَنَّهَا لَوْ بَطَلَتْ بِهِ، لَمْ يَثْبُتْ بِهَا حَقٌّ أَصْلًا، لِأَنَّهُ مَا مِنْ بَيِّنَةٍ إلَّا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ كَاذِبَةً، أَوْ غَيْرَ عَادِلَةٍ، أَوْ مُتَّهَمَةً، أَوْ مُعَارَضَةً، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى هَذَا الْوَهْمِ، كَذَا هَاهُنَا.
[فَصْل مَاتَ رَجُلٌ فَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ ابْنُ هَذَا الْمَيِّتِ]
(٨٥٢٤) فَصْلٌ: إذَا مَاتَ رَجُلٌ، فَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ ابْنُ هَذَا الْمَيِّتِ، لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ، وَشَهِدَ آخَرَانِ لِآخَرَ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ ابْنُ هَذَا الْمَيِّتِ، لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَثَبَتَ نَسَبُ الْغُلَامَيْنِ مِنْهُ، وَيَكُونُ الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَعْلَمَ كُلُّ بَيِّنَةٍ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى.
[فَصْل ادَّعَى رَجُلٌ عَبْدًا فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ]
(٨٥٢٥) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَبْدًا فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، فَأَنْكَرَهُمَا، حَلَفَ لَهُمَا، وَالْعَبْدُ لَهُ. وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا، ثَبَتَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ. وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ، ثَبَتَ. وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، وَكَانَتَا مُؤَرِّخَتَيْنِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، قَدَّمْنَا الْأُولَى، وَبَطَلَتْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعِتْقُ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْحُرِّ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ سَبَقَ الْبَيْعُ، لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَ غَيْرِهِ. فَإِنْ قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَادَ إلَى مِلْكِهِ فَأَعْتَقَهُ. قُلْنَا: قَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي، فَلَا يُبْطِلُهُ عِتْقُ الْبَائِعِ.
وَإِنْ كَانَتَا مُؤَرِّخَتَيْنِ بِتَارِيخِ وَاحِدٍ، أَوْ مُطْلِقَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلِقَةً، تَعَارَضَتَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute