للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَلِفٌ. وَالْجَرْيُ: الْوَكِيلُ.

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَشْهَدُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَحْكِيَا لَفْظَ الْمُوَكِّلِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَا عَنْهُ بِلَفْظِهِمَا، وَاخْتِلَافُ لَفْظِهِمَا لَا يُؤَثِّرُ إذَا اتَّفَقَ مَعْنَاهُ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ جَرْيُهُ. أَوْ أَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي حَيَاتِهِ. ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ بِذَلِكَ.

وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ وَزَيْدًا، أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ، وَقَالَ: لَا تَبِعْهُ حَتَّى تَسْتَأْمِرَنِي، أَوْ تَسْتَأْمِرَ فُلَانًا. لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَثْبَتَ اسْتِقْلَالَهُ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. وَالثَّانِيَ يَنْفِي ذَلِكَ، فَكَانَا مُخْتَلِفَيْنِ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَجَارِيَتِهِ، حَكَمَ بِالْوَكَالَةِ فِي الْعَبْدِ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَزِيَادَةُ الثَّانِي لَا تَقْدَحُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي الْأَوَّلِ، فَلَا تَضُرُّهُ. وَهَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ لِزَيْدٍ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ لِزَيْدِ وَإِنْ شَاءَ لِعَمْرٍو.

[فَصْلٌ الْوَكَالَةُ وَالْعَزْلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

(٣٨٠٧) فَصْلٌ: وَلَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ وَالْعَزْلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةً. وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ لِلْمُخْبَرِ بِذَلِكَ، إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ، بِشَرْطِ الضَّمَانِ إنْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ. وَيَثْبُتُ الْعَزْلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ رَسُولًا؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ فِي هَذَا يَشُقُّ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ، وَلِأَنَّهُ أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ وَمَنَعَ مِنْهُ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي هَذَا شُرُوطُ الشَّهَادَةِ، كَاسْتِخْدَامِ غُلَامِهِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ عَقْدٌ مَالِيٌّ، فَلَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، كَالْبَيْعِ، وَفَارَقَ الِاسْتِخْدَامَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَ فُلَانًا الْحَاضِرَ، فَقَالَ الْوَكِيلُ: مَا عَلِمْت هَذَا، وَأَنَا أَتَصَرَّفُ عَنْهُ. ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنِّي لَمْ أَعْلَمْ إلَى الْآنَ، وَقَبُولُ الْوَكَالَةِ يَجُوزُ مُتَرَاخِيًا، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ التَّوْكِيلِ حُضُورُ الْوَكِيلِ وَلَا عِلْمُهُ، فَلَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِهِ. وَإِنْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ صِدْقَ الشَّاهِدَيْنِ. لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ؛ لِقَدْحِهِ فِي شَهَادَتِهِمَا.

وَإِنْ قَالَ: مَا عَلِمْت. وَسَكَتَ، قِيلَ لَهُ: فَسِّرْ. فَإِنْ فَسَّرَ بِالْأَوَّلِ ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِالثَّانِي لَمْ تَثْبُتْ.

[فَصْلٌ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ بِالْوَكَالَةِ عَلَى الْغَائِبِ]

(٣٨٠٨) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ بِالْوَكَالَةِ عَلَى الْغَائِبِ، وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَنِي فِي كَذَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَصِحُّ. وَلَنَا، أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِي سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، فَلَا يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ كَغَيْرِهِ.

وَإِذَا قَالَ لَهُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ: احْلِفْ أَنَّك تَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتِي. لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَعْنٌ فِي الشَّهَادَةِ. وَإِنْ قَالَ: قَدْ عَزَلَك الْمُوَكِّلُ، فَاحْلِفْ أَنَّهُ مَا عَزَلَك. لَمْ يُسْتَحْلَفْ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْيَمِينُ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>