[مَسْأَلَةٌ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا]
(٥٢٢٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا، فَقَدْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً) . لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ، وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَتِهَا، فَأَشْبَهَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ، وَلِذَلِكَ مَلَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْعَبْدَ، وَلِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِتَزْوِيجِهَا؛ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا وَوَلَدِهَا، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ.
[فَصْلٌ الْمُدَبَّرَةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ الْقِنِّ فِي إجْبَارِهَا عَلَى النِّكَاحِ]
(٥٢٢٧) فَصْلٌ: وَالْمُدَبَّرَةُ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، كَالْأَمَةِ الْقِنِّ، فِي إجْبَارِهَا عَلَى النِّكَاحِ. وَقَالَ مَالِكٌ آخِرَ أَمْرِهِ: لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ أُمِّ وَلَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا. وَكَرِهَهُ رَبِيعَةُ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي رَقَبَتِهَا، فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، كَأُخْتِهِ. وَلَنَا، أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ، يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَإِجَارَتَهَا، فَمَلَكَ تَزْوِيجَهَا، كَالْقِنِّ، وَلِأَنَّهَا إحْدَى مَنْفَعَتَيْهَا، فَمَلَكَ أَخْذَ عِوَضِهَا، كَسَائِرِ مَنَافِعِهَا. وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ، لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا، وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا. وَإِذَا مَلَكَ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ، أَوْ مَجُوسِيَّةً، فَلَهُ تَزْوِيجُهُمَا، وَإِنْ كَانَتَا مُحَرَّمَتَيْنِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا حُرِّمَتَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ. فَأَمَّا الَّتِي بَعْضُهَا حُرٌّ، فَلَا يَمْلِكُ سَيِّدُهَا إجْبَارَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ جَمِيعَهَا. وَلَا يَمْلِكُ إجْبَارَ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَمْلِكُ وَطْأَهَا وَلَا إجَارَتَهَا، وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، وَلَا يَصِلُ إلَيْهِ مَهْرُهَا، فَهِيَ كَالْعَبْدِ.
[فَصْلٌ طَلَبْت الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا تَزْوِيجَهَا]
(٥٢٢٨) فَصْلٌ: فَإِنْ طَلَبَتْ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا تَزْوِيجَهَا، فَإِنْ كَانَ يَطَؤُهَا، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي تَزْوِيجِهَا، وَوَطْؤُهُ لَهَا يَدْفَعُ حَاجَتَهَا. فَإِنْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا؛ لِكَوْنِهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، كَالْمَجُوسِيَّةِ وَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، أَوْ مُحَلَّلَةً لَهُ لَكِنْ لَا يَرْغَبُ فِي وَطْئِهَا، أُجْبِرَ عَلَى تَزْوِيجِهَا أَوْ وَطْئِهَا إنْ كَانَتْ مُحَلَّلَةً لَهُ، وَإِزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهَا، فَأُجْبِرَ عَلَى تَزْوِيجِهَا، كَالْحُرَّةِ، وَلِأَنَّ حَاجَتَهَا قَدْ تَشْتَدُّ إلَى ذَلِكَ، فَأُجْبِرَ عَلَى دَفْعِهَا، كَالْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ. وَإِذَا امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ. وَإِنْ طَلَبَتْ مِنْهُ مَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ، أَوْ الْمُكَاتَبَةُ، أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ، التَّزْوِيجَ، أُجْبِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُنَّ، فَأُجْبِرَ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ، كَالْحَرَائِرِ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ أَمَةً وَرَكِبَتْهُ دُيُونٌ]
(٥٢٢٩) فَصْلٌ: وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ أَمَةً، وَرَكِبَتْهُ دُيُونٌ، مَلَكَ سَيِّدُهُ تَزْوِيجَهَا وَبَيْعَهَا وَإِعْتَاقَهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute