وَكَانَ أَخُوهَا عَاقِلًا، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلًا، حَنِثَ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ إنَّ أَخَاك لَعَاقِلٌ، وَإِنْ شُكَّ فِي عَقْلِهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ. فَأَكَلَهُ، حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا أَكَلْته. وَكَانَ صَادِقًا، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا، حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَكَلْته. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك. وَكَانَ صَادِقًا، لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا طَلَقَتْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك، فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَأُكْرِمَنَّك. طَلَقَتْ فِي الْحَالِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِعِتْقِ عَبْدِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ لَأَقُومَنَّ. طَلَقَتْ الْمَرْأَةُ. وَإِنْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِ امْرَأَتِي، فَعَبْدِي حُرٌّ. ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَقَدْ صُمْت أَمْسِ. عَتَقَ الْعَبْدِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ كُلَّمَا طَلَّقْت ضَرَّتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(٥٩٣٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: إنْ طَلَّقْت حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ. ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ. طَلَقَتَا مَعًا؛ حَفْصَةُ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَعَمْرَةُ بِالصِّفَةِ، وَلَمْ تَزِدْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى طَلْقَةٍ. وَإِنْ بَدَأَ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ، طَلَقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَطَلَقَتْ حَفْصَةُ طَلْقَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلَقَتْ عَمْرَةُ بِالصِّفَةِ؛ لِكَوْنِهِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ، وَلَمْ يَعُدْ عَلَى حَفْصَةَ طَلَاقٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ مَا أَحْدَثَ فِي عَمْرَةَ طَلَاقًا، إنَّمَا طَلَقَتْ بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ عَلَى تَعْلِيقِهِ طَلَاقَهَا. وَإِنْ بَدَأَ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ، طَلَقَتْ حَفْصَةُ؛ لِكَوْنِ طَلَاقِهَا مُعَلَّقًا عَلَى طَلَاقِ عَمْرَةَ، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهَا تَطْلِيقٌ مِنْهُ لَهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهَا طَلَاقًا، بِتَعْلِيقِهِ طَلَاقَهَا عَلَى تَطْلِيقِ عَمْرَةَ، بَعْدَ قَوْلِهِ: إنْ طَلَّقْت حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ. وَمَتَى وُجِدَ التَّعْلِيقُ وَالْوُقُوعُ مَعًا، فَهُوَ تَطْلِيقٌ. فَإِنْ وُجِدَا مَعًا بَعْدَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِطَلَاقِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِطَلَاقِهَا. وَطَلَاقُ عَمْرَةَ هَاهُنَا مُعَلَّقٌ بِطَلَاقِهَا، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِوُقُوعِهِ.
وَلَوْ قَالَ لِعَمْرَةَ: كُلَّمَا طَلَّقْت حَفْصَةَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ لِحَفْصَةَ: كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ لِعَمْرَةَ: أَنْتِ طَالِقٌ. طَلَقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَطَلَقَتْ حَفْصَةُ طَلْقَةً وَاحِدَةً. وَإِنْ طَلَّقَ حَفْصَةَ ابْتِدَاءً، لَمْ يَقَعْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَالَّتِي قَبْلَهَا سَوَاءً، فَإِنَّهُ بَدَأَ بِتَعْلِيقِ طَلَاقِ عَمْرَةَ عَلَى تَطْلِيقِ حَفْصَةَ، ثُمَّ ثَنَّى بِتَعْلِيقِ طَلَاقِ حَفْصَةَ عَلَى تَطْلِيقِ عَمْرَةَ. وَلَوْ قَالَ لِعَمْرَةَ: إنْ طَلَّقْتُك، فَحَفْصَةُ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ لِحَفْصَةَ: إنْ طَلَّقْتُك، فَعَمْرَةُ طَالِقٌ. ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ، طَلَقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَطَلَقَتْ عَمْرَةُ طَلْقَةً. وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ، طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً؛ لِأَنَّهَا عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا.
ذَكَر هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْقَاضِي، فِي " الْمُجَرَّدِ ". وَلَوْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ: كُلَّمَا طَلَّقْت ضَرَّتَكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى مِثْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute