[مَسْأَلَةٌ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ الْأُمُّ أَنْ تُرْضِعَهُ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ أَنَّ رَضَاعَ الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ وَحْدَهُ]
(٦٥٦١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَعَلَى الْأَبِ أَنْ يَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهِ، إلَّا أَنْ تَشَاءَ الْأُمُّ أَنْ تُرْضِعَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، فَتَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ، أَوْ مُطَلَّقَةً) الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلَيْنِ: (٦٥٦٢) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ رَضَاعَ الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ أُمِّهِ عَلَى رَضَاعِهِ، دَنِيئَةً كَانَتْ أَوْ شَرِيفَةً، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ أَوْ مُطَلَّقَةً
وَلَا نَعْلَمُ فِي عَدَمِ إجْبَارِهَا عَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُفَارَقَةً خِلَافًا، فَأَمَّا إنْ كَانَتْ مَعَ الزَّوْجِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَبِهِ يَقُولُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى رَضَاعِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣] وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهَا إنْ كَانَتْ شَرِيفَةً لَمْ تَجْرِ عَادَةُ مِثْلِهَا بِالرَّضَاعِ لِوَلَدِهَا، لَمْ تُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُرْضِعُ فِي الْعَادَةِ، أُجْبِرَتْ عَلَيْهِ
وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] وَإِذَا اخْتَلَفَا فَقَدْ تَعَاسَرَا، وَلِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الرَّضَاعِ لَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الْوَلَدِ، أَوْ لِحَقِّ الزَّوْجِ، أَوْ لَهُمَا، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَا عَلَى خِدْمَتِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِحَقِّ الْوَلَدِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ، لَلَزِمَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَلِأَنَّهُ مِمَّا يَلْزَمُ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ، فَلَزِمَ الْأَبَ عَلَى الْخُصُوصِ، كَالنَّفَقَةِ، أَوْ كَمَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ مَا لَا مُنَاسَبَةَ فِيهِ، لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِانْضِمَامِ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُمَا، لَثَبَتَ الْحُكْمُ بِهِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالِ الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِ التَّعَاسُرِ
[الْفَصْلُ الثَّانِي الْأُمَّ إذَا طَلَبَتْ إرْضَاعَهُ بِأَجْرِ مِثْلِهَا]
(٦٥٦٣) الْفَصْلُ الثَّانِي: إنَّ الْأُمَّ إذَا طَلَبَتْ إرْضَاعَهُ بِأَجْرِ مِثْلِهَا، فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَسَوَاءٌ وَجَدَ الْأَبُ مُرْضِعَةً مُتَبَرِّعَةً أَوْ لَمْ يَجِدْ وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ كَانَتْ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ، فَلِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى رَضَاعِهِ، لَمْ يَجُزْ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute