[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَمِنْ قَتَلَ مِنْهُمْ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ]
(٧٠٧٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، غُسِّلَ وَكُفِّنَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ) يَعْنِي مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ، صُلِّيَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ، لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ، كَالْكُفَّارِ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ، فِي " جَامِعِهِ ". وَلِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ حُكْمُ الشَّهَادَةِ، فَيُغَسَّلُونَ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ. وَمَا ذَكَرُوهُ يَنْتَقِضُ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَالْمُقْتَصِّ مِنْهُ، وَالْقَاتِلِ فِي الْمُحَارَبَةِ
(٧٠٧٥) فَصْلٌ: لَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْخَوَارِجِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَهْلُ الْبِدَعِ، إنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ. وَقَالَ أَحْمَدُ: الْجَهْمِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ، قَدْ تَرَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا. وَذَكَرَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُقَاتَلَ خَيْبَرُ مِنْ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِيهَا، فَقَاتَلَ رَجُلٌ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، فَقُتِلَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَهْلُهَا نَصَارَى، لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. قَالَ: أَنَا لَا أَشْهَدُهُ، يَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ» .
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى عَلَى الْإِبَاضِيَّةِ، وَلَا الْقَدَرِيَّةِ، وَسَائِرِ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ، وَلَا تُتْبَعُ جَنَائِزُهُمْ، وَلَا تُعَادُ مَرْضَاهُمْ. وَالْإِبَاضِيَّةُ صِنْفٌ مِنْ الْخَوَارِجِ، نُسِبُوا إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبَاضٍ، صَاحِبِ مَقَالَتِهِمْ. وَالْأَزَارِقَةُ أَصْحَابُ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ. وَالنَّجَدَاتُ أَصْحَابُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ. وَالْبَيْهَسِيَّةِ أَصْحَابُ بَيْهَسٍ. وَالصُّفْرِيَّةُ قِيلَ: إنَّهُمْ نُسِبُوا إلَى صُفْرَةِ أَلْوَانِهِمْ، وَأَصْنَافُهُمْ كَثِيرَةٌ. وَالْحَرُورِيَّةُ نُسِبُوا إلَى أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: حَرُورَاءَ خَرَجُوا بِهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: لَا أُصَلِّي عَلَى الرَّافِضِيِّ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ عُمَرَ كَافِرٌ، وَلَا عَلَى الْحَرُورِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ عَلِيًّا كَافِرٌ. وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ: مَنْ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ فَهُوَ كَافِرٌ، لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute