«النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ إلَى الصَّلَاةِ، فَقَارَبَ بَيْنَ خُطَاهُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا فَعَلْتُ لِتَكْثُرَ خُطَانَا فِي طَلَبِ الصَّلَاةِ» . وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، أَنَّهُ كَانَ يُبَكِّرُ إلَى الْجُمُعَةِ، وَيَخْلَعُ نَعْلَيْهِ، وَيَمْشِي حَافِيًا، وَيَقْصُرُ فِي مَشْيِهِ، رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
وَيُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ فِي طَرِيقِهِ، وَيَغُضُّ بَصَرَهُ، وَيَقُولُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ.
وَيَقُولُ أَيْضًا: " اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إلَيْكَ، وَأَقْرَبِ مَنْ تَوَسَّلَ إلَيْكَ، وَأَفْضَلِ مَنْ سَأَلَكَ وَرَغِبَ إلَيْكَ ". وَرَوَيْنَا عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُ مَشَى إلَى الْجُمُعَةِ حَافِيًا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ.»
[فَصْلٌ تَجِبُ الْجُمُعَةُ وَالسَّعْيُ إلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ مَنْ يُقِيمُهَا سُنِّيًّا أَوْ مُبْتَدِعًا]
(١٢٩٧) فَصْلٌ: وَتَجِبُ الْجُمُعَةُ وَالسَّعْيُ إلَيْهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ يُقِيمُهَا سُنِّيًّا، أَوْ مُبْتَدِعًا، أَوْ عَدْلًا، أَوْ فَاسِقًا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَرُوِيَ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ - يَعْنِي الْمُعْتَزِلَةَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَنْبَغِي شُهُودُهَا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يُصَلِّي مِنْهُمْ، أَعَادَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ مِنْهُمْ، فَلَا يُعِيدُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ قَالَ: حَتَّى يَسْتَيْقِنَ. وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] وَقَوْلُ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدِي وَلَهُ إمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ، اسْتِخْفَافًا بِهَا، أَوْ جُحُودًا بِهَا، فَلَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ» . وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَشْهَدُونَهَا مَعَ الْحَجَّاجِ وَنُظَرَائِهِ، وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ التَّخَلُّفُ عَنْهَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ: تَذَاكَرْنَا الْجُمُعَةَ أَيَّامَ الْمُخْتَارِ، فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَأْتُوهُ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَذِبُهُ. وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ، وَيَتَوَلَّاهَا الْأَئِمَّةُ وَمَنْ وَلَّوْهُ، فَتَرْكُهَا خَلْفَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ يُؤَدِّي إلَى سُقُوطِهَا.
وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ، فَقَالَ: إنَّ لِي جِيرَانًا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَكُنْتُ أَعِيبُهُمْ وَأَنْقُصُهُمْ، فَجَاءُونِي فَقَالُوا: مَا تَخْرُجُ تُذَكِّرُنَا؟ قَالَ: وَأَيَّ شَيْءٍ يَقُولُونَ؟ قَالَ: أَوَّلُ مَا أَقُولُ لَكَ، أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْجُمُعَةَ. قَالَ: حَسْبُكَ، مَا قَوْلُكَ فِي مَنْ رَدَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ؟ قَالَ: قُلْتُ رَجُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute