وَلَنَا، أَنَّهُ يَمْلِكُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ مِلْكًا تَامًّا؛ وَلِهَذَا يُورَثُ عَنْهُ، وَيُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ، وَيَجِبُ فِيهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ، فَوَجَبَ أَنْ تَتَبَعَّضَ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الْقَابِلَةِ لِلتَّبْعِيضِ، فَأَمَّا نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ، فَيَلْزَمُهُ مِنْهَا بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَنْبَنِي عَلَى الْمِيرَاثِ. وَعِنْدَ الْمُزَنِيّ، تَلْزَمُهُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ، لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَبِيدِ. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي هَذَا.
[مَسْأَلَةٌ لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ]
(٦٥١٤) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، حُرَّةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَةً) أَمَّا إذَا كَانَتْ زَوْجَةُ الْعَبْدِ حُرَّةً فَوَلَدُهَا أَحْرَارٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ مَمْلُوكَةً، فَوَلَدُهَا عَبِيدٌ لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهَا، فَتَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ.
[فَصْلٌ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَقَارِبِ]
فَصْلٌ: وَحُكْمُ الْمُكَاتَبِ، فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَقَارِبِ، حُكْمُ الْعَبْدِ الْقِنِّ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَاجِبَةٌ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَى الْعَبْدِ فَعَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ لَا تَسْقُطُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا، وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُكَاتَبِ لَا تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ، فَنَفَقَةُ امْرَأَتِهِ أَوْلَى.
فَأَمَّا نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ وَأَقَارِبِهِ الْأَحْرَارِ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ، وَلَا الْفِطْرَةُ فِي بَدَنِهِ، فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً، فَنَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ. وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ، كَجَدٍّ حُرٍّ وَأَخٍ حُرٍّ مَعَ الْأُمِّ، أَنْفَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَسَبِ مِيرَاثِهِ، وَالْمُكَاتَبُ كَأَنَّهُ مَعْدُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّفَقَةِ.
[مَسْأَلَةٌ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَفَقَةُ وَلَدِهَا دُونَ أَبِيهِ الْمُكَاتَبِ]
(٦٥١٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَفَقَةُ وَلَدِهَا دُونَ أَبِيهِ الْمُكَاتَبِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ، لَمْ يَخْلُ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ مِنْ أَمَةٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ زَوْجَةٍ، وَكَانَتْ مُكَاتَبَةً، فَوَلَدُهَا يَتْبَعُونَهَا فِي الْكِتَابَة، وَيَكُونُونَ مَوْقُوفِينَ عَلَى كِتَابَتِهَا؛ إنْ رَقَّتْ رَقُّوا، وَإِنْ عَتَقَتْ بِالْأَدَاءِ عَتَقُوا، فَتَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهَا مِمَّا فِي يَدَيْهَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِ نَفْسِهَا، وَنَفَقَتُهَا مِمَّا فِي يَدَيْهَا، فَكَذَلِكَ عَلَى وَلَدِهَا. وَأَمَّا زَوْجُهَا الْمُكَاتَبُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَبِيدٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبَةِ.
وَإِنْ كَانَتْ، زَوْجَتُهُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، فَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَهُمْ. وَإِنْ أَرَادَ الْمُكَاتَبُ التَّبَرُّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهِ، وَكَانَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute