دُفِنَ فِي الْمُسَبَّلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِنَّةَ فِيهِ، وَهُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا عَلَى الْوَارِثِ. فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْكَفَنِ، قُدِّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: نُكَفِّنُهُ مِنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ عَلَى الْوَارِثِ بِلُحُوقِ الْمِنَّةِ، وَتَكْفِينُهُ مِنْ مَالِهِ قَلِيلُ الضَّرَرِ.
وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي أَنْ يُدْفَنَ فِي دَارِهِ قَالَ: يُدْفَنُ فِي الْمَقَابِرِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، إنْ دُفِنَ فِي دَارِهِ أَضَرَّ بِالْوَرَثَةِ. وَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ، وَيُوصِيَ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ، فَعَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَائِشَةُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -
[فَصْلٌ إذَا تَشَاحَّ اثْنَانِ فِي الدَّفْنِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ]
(١٦٠٠) فَصْلٌ: وَإِذَا تَشَاحَّ اثْنَانِ فِي الدَّفْنِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ، قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا، كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ، وَرِحَابِ الْمَسَاجِدِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا.
[فَصْلٌ إنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا جَازَ نَبْشُ قَبْرِهِ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ]
(١٦٠١) فَصْلٌ: وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمًا، جَازَ نَبْشُ قَبْرِهِ، وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ رَجَعَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ. فَإِنْ حَفَرَ، فَوَجَدَ فِيهَا عِظَامًا دَفَنَهَا، وَحَفَرَ فِي مَكَان آخَرَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ كَسْرَ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْمَيِّتِ يُخْرَجُ مِنْ قَبْرِهِ إلَى غَيْرِهِ فَقَالَ: إذَا كَانَ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ، قَدْ حُوِّلَ طَلْحَةُ وَحُوِّلَتْ عَائِشَةُ وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ دُفِنُوا فِي بَسَاتِينَ وَمَوَاضِعَ رَدِيئَةٍ.
فَقَالَ: قَدْ نَبَشَ مُعَاذٌ امْرَأَتَهُ، وَقَدْ كَانَتْ كُفِّنَتْ فِي خَلَقَيْنِ فَكَفَنَهَا وَلَمْ يَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بَأْسًا أَنْ يُحَوَّلُوا.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ]
(١٦٠٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، مَا لَمْ تُدْفَنْ، فَإِنْ دُفِنَتْ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ إلَى شَهْرٍ. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ، إلَّا لِلْوَلِيِّ إذَا كَانَ غَائِبًا، وَلَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إلَّا كَذَلِكَ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَكَانَ قَبْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلَّى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute