تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ، وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» . وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ، تَحْرِقُ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا قَدْ اتَّكَأَ عَلَى قَبْرٍ، فَقَالَ: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ.»
[مَسْأَلَةٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَزُورَ الرَّجُلُ الْمَقَابِرَ]
(١٦٨٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَزُورَ الرَّجُلُ الْمَقَابِرَ) لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي إبَاحَةِ زِيَارَةِ الرِّجَالِ الْقُبُورَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، تَرْكُهَا أَفْضَلُ عِنْدَك أَوْ زِيَارَتُهَا؟ قَالَ: زِيَارَتُهَا. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: " فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ".
(١٦٨٥) فَصْلٌ: وَإِذَا مَرَّ بِالْقُبُورِ، أَوْ زَارَهَا، اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ مَا رَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ.» وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: «وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» . وَإِنْ أَرَادَ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ. كَانَ حَسَنًا.
[فَصْلُ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ]
(١٦٨٦) فَصْلٌ: قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ اقْرَءُوا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إنَّ فَضْلَهُ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْقِرَاءَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ بِدْعَةٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ رَجَعَ رُجُوعًا أَبَانَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَرَوَى جَمَاعَةٌ أَنَّ أَحْمَدَ نَهَى ضَرِيرًا أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَقَالَ لَهُ: إنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ بِدْعَةٌ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي مُبَشِّرٍ الْحَلَبِيِّ؟ قَالَ: ثِقَةٌ.
قَالَ: فَأَخْبَرَنِي مُبَشِّرٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَوْصَى إذَا دُفِنَ يُقْرَأُ عِنْدَهُ بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا، وَقَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يُوصِي بِذَلِكَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فَارْجِعْ فَقُلْ لِلرَّجُلِ يَقْرَأُ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَزَّارُ، شَيْخُنَا الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ، قَالَ: رَأَيْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُصَلِّي خَلْفَ ضَرِيرٍ يَقْرَأُ عَلَى الْقُبُورِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ سُورَةَ يس خُفِّفَ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ فِيهَا حَسَنَاتٌ» . وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَقَرَأَ عِنْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute