وَلَيْسَ ذَلِكَ بِثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَعَلَى أَنَّهُ إذَا خُولِفَ الْأَصْلُ لِمَعْنًى، وَجَبَ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ بِتَعَدِّي ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ بَلْ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّ التَّحَالُفَ إذَا ثَبَتَ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ثَمَنِهَا لِلْمَعْرِفَةِ بِقِيمَتِهَا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ بِالْقِيمَةِ، فَمَعَ تَعَذُّرِ ذَلِكَ أَوْلَى.
فَإِذَا تَحَالَفَا، فَإِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَالَ الْآخَرُ، لَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ؛ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى فَسْخِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ، كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي حَالِ بَقَاءِ السِّلْعَةِ، وَيَرُدُّ الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَهُ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ إلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَتُسَاوَيَا بَعْدَ التَّقَابُضِ، تَقَاصَّا.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْرَعَ التَّحَالُفُ وَلَا الْفَسْخُ، فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي يَمِينِ الْبَائِعِ وَلَا فَسْخِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ، فَلَا فَائِدَةَ لِلْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُشْرَعَ لَهُ الْيَمِينُ وَلَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشْرَعَ لِتَحْصِيلِ الْفَائِدَةِ لِلْمُشْتَرِي. وَمَتَى اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ السِّلْعَةِ، رَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا، مَوْصُوفًا بِصِفَاتِهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ.
[فَصْلٌ تَقَايُلًا الْمَبِيع أَوْ رَدَّ بِعَيْبِ بَعْدَ قَبَضَ الْبَائِع الثَّمَن ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْره]
(٣٠٦٩) فَصْلٌ: وَإِنْ تَقَايَلَا الْمَبِيعَ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ.
[فَصْلٌ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْد بِأَلْفِ فَقَالَ بَلْ هُوَ وَالْعَبْد الْآخِر بِأَلْفِ]
(٣٠٧٠) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ. فَقَالَ: بَلْ هُوَ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ بِأَلْفٍ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ عِوَضَيْ الْعَقْدِ، فَيَتَحَالَفَانِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ. وَلَنَا، أَنَّ الْبَائِعَ يُنْكِرُ بَيْعَ الْعَبْدِ الزَّائِدِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ، كَمَا لَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ مُنْفَرِدًا.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي عَيْن الْمَبِيع]
(٣٠٧١) فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، فَقَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ. قَالَ: بَلْ بِعْتنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يُنْكِرُهُ، مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي عَقْدًا عَلَى عَيْنٍ يُنْكِرُهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ. فَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ: مَا بِعْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ. أُقِرَّتْ فِي يَدِهِ، إنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ، وَرُدَّتْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُدَّعِيهَا قَدْ قَبَضَهَا. وَأَمَّا الْعَبْدُ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، أُقِرَّ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ، وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ طَلَبُهُ إذَا بَذَلَ لَهُ ثَمَنَهُ، لِاعْتِرَافِهِ بِبَيْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ ثَمَنَهُ، فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْجَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ