للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكْنٍ غَيْرِ الرُّكُوعِ]

(٧٠١) فَصْلٌ:: وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكْنٍ غَيْرِ الرُّكُوعِ، لَمْ يُكَبِّرْ إلَّا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ، وَيَنْحَطُّ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ، وَقَدْ فَاتَهُ مَحَلُّ التَّكْبِيرِ. وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَبَّرَ فِي حَالِ قِيَامِهِ مَعَ الْإِمَامِ إلَى الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُومٌ لَهُ، فَيُتَابِعُهُ فِي التَّكْبِيرِ، كَمَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِهَا، وَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ بِتَكْبِيرٍ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، لِأَنَّهُ قَدْ كَبَّرَ فِي ابْتِدَاءِ الرَّكْعَةِ، وَلَا إمَامَ لَهُ يُتَابِعُهُ فِي التَّكْبِيرِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ قَامَ فِي الصَّلَاةِ إلَى رُكْنٍ مُعْتَدٍّ لَهُ بِهِ، فَيُكَبِّرُ، كَالْقَائِمِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَكَمَا لَوْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ كَبَّرَ فِي ابْتِدَاءِ الرَّكْعَةِ، فَإِنَّ مَا كَبَّرَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الرَّكْعَةِ، إذْ لَيْسَ فِي أَوَّلِ الرَّكْعَةِ سُجُودٌ وَلَا تَشَهُّدٌ، وَإِنَّمَا ابْتِدَاءُ الرَّكْعَةِ قِيَامُهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ فِيهِ.

[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي حَالٍ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ]

(٧٠٢) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي حَالِ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ لَهُ بِهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا جِئْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ وَالْإِمَامُ عَلَى حَالٍ، فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْإِمَامُ» . وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: إذَا جَاءَ الرَّجُلُ وَالْإِمَامُ سَاجِدٌ فَلْيَسْجُدْ، وَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ

[مَسْأَلَة إذَا فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ]

(٧٠٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، كَرَفْعِهِ الْأَوَّلِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ وَاعْتَدَلَ قَائِمًا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عُضْوٍ إلَى مَوْضِعِهِ، وَيَطْمَئِنَّ، يَبْتَدِئُ الرَّفْعَ قَائِلًا: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. وَيَكُونُ انْتِهَاؤُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ رَفْعِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ؛ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ. وَفِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا بَعْدَ اعْتِدَالِهِ قَائِمًا.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يَسْتَتِمَّ قَائِمًا. وَوَجْهُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ، وَبَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ» . وَلِأَنَّهُ رَفْعٌ، فَلَا يُشْرَعُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ، كَرَفْعِ الرُّكُوعِ وَالْإِحْرَامِ.

وَالثَّانِيَةُ: يَبْتَدِئُهُ حِينَ يَبْتَدِئُ رَفْعَ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ أَبَا حُمَيْدٍ قَالَ «فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» . وَرَفَعَ يَدَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>