فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا، مَنْهِيٌّ عَنْهَا، فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْمُزَايِدَ قَدْ لَا يَثْبُتُ عَلَى الزِّيَادَةِ، فَلَا يَلْزَمُ الْفَسْخُ بِالشَّكِّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَجَازَ بِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالنَّهْيُ يَتَوَجَّهُ إلَى الَّذِي زَادَ لَا إلَى الْوَكِيلِ، فَأَشْبَهَ مَنْ جَاءَتْهُ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ وُكِّلَ فِي بَيْعِ عَبْدٍ بِمِائَةِ فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا]
(٣٧٩٦) فَصْلٌ: وَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعِ عَبْدٍ بِمِائَةٍ، فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، صَحَّ، سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَزَادَ زِيَادَةً تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، مِثْلُ أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَيَبِيعَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِمِائَةِ وَثَوْبٍ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَثْمَانِ.
وَلَنَا، أَنَّهَا زِيَادَةٌ تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَدِينَارٍ، وَلِأَنَّ الْإِذْنَ فِي بَيْعِهِ بِمِائَةٍ، إذْنٌ فِي بَيْعِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا عُرْفًا، لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِمِائَةٍ لَا يَكْرَهُ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ يَنْفَعُهُ وَلَا يَضُرُّهُ. وَإِنْ بَاعَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَعَشْرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، أَوْ بِمِائَةِ ثَوْبٍ، أَوْ بِثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَعِشْرِينَ ثَوْبًا، لَمْ يَصِحَّ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مُوَكِّلَهُ فِي الْجِنْسِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ بِثَوْبٍ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ فِيمَا إذَا جَعَلَ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ، أَوْ مَكَانَ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا، فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِدِرْهَمٍ رَضِيَ مَكَانَهُ بِدِينَارٍ، فَجَرَى مَجْرَى بَيْعِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ. وَأَمَّا الثِّيَابُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَثْمَانِ.
[فَصْلٌ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ بِهَا أَوْ وَكَّلَهُ مُطْلَقًا فَبَاعَ نِصْفَهُ بِثَمَنِ الْكُلِّ]
(٣٧٩٧) فَصْلٌ: وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ بِمِائَةٍ، فَبَاعَ نِصْفَهُ بِهَا، أَوْ وَكَّلَهُ مُطْلَقًا، فَبَاعَ نِصْفَهُ بِثَمَنِ الْكُلِّ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ، فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ مِائَةً ثَمَنًا لِلْكُلِّ، رَضِيَ بِهَا ثَمَنًا لِلنِّصْفِ، وَلِأَنَّهُ حَصَّلَ لَهُ الْمِائَةَ وَأَبْقَى لَهُ زِيَادَةً تَنْفَعُهُ وَلَا تَضُرُّهُ. وَلَهُ بَيْعُ النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي بَيْعِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ كُلَّهُ بِمِثْلَيْ ثَمَنِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَجُوزَ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَّلَ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِبَيْعِ نِصْفِهِ، فَرُبَّمَا لَا يُؤْثِرُ بَيْعَ بَاقِيهِ، لِلْغِنَى عَنْ بَيْعِهِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ ثَمَنِ نِصْفِهِ. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي تَوْكِيلِهِ فِي بَيْعِ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ، إذَا بَاعَ أَحَدَهُمَا بِهَا، صَحَّ.
وَهَلْ يَكُونُ لَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآخَرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. فَأَمَّا إنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ بِمِائَةٍ، فَبَاعَ بَعْضَهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا، لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ وَكَّلَهُ مُطْلَقًا، فَبَاعَ بَعْضَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْكُلِّ، لَمْ يَجُزْ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ. بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ لِلْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ الْبَيْعَ بِمَا شَاءَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute