[فَصْلٌ غَصَبَ شَيْئًا فَشَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَكَانَ ثَوْبًا يَنْقُصُهُ الْقَطْعُ]
(٣٩٦٠) فَصْلٌ: وَلَوْ غَصَبَ شَيْئًا فَشَقَّهُ نِصْفَيْنِ، وَكَانَ ثَوْبًا يَنْقُصُهُ الْقَطْعُ، رَدَّهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ، فَإِنْ تَلِفَ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ، رَدَّ الْبَاقِي وَقِيمَةَ التَّالِفِ، وَأَرْشَ النَّقْصِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُصْهُ الْقَطْعُ، رَدَّ الْبَاقِيَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ لَا غَيْرُ. وَإِنْ كَانَا بَاقِيَيْنِ، رَدَّهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى ذَلِكَ. وَإِنْ غَصَبَ شَيْئَيْنِ يَنْقُصُهُمَا التَّفْرِيقُ، كَزَوْجَيْ خُفٍّ، وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، رَدَّ الْبَاقِيَ، وَقِيمَةَ التَّالِفِ وَأَرْشَ نَقْصِهِمَا. فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سِتَّةَ دَرَاهِمَ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، فَصَارَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ، رَدَّ الْبَاقِيَ وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةُ التَّالِفِ مَعَ رَدِّ الْبَاقِي. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْلَفْ غَيْرُهُ، وَلِأَنَّ نَقْصَ الْبَاقِي نَقْصُ قِيمَةٍ، فَلَا يَضْمَنُهُ، كَالنَّقْصِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ بِجِنَايَتِهِ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، كَشَقِّ الثَّوْبِ الَّذِي يَنْقُصُهُ الشَّقُّ إذَا أَتْلَفَ أَحَدَ شِقَّيْهِ، بِخِلَافِ نَقْصِ السِّعْرِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْمَغْصُوبِ عَيْنٌ وَلَا مَعْنَى، وَهَا هُنَا فَوَّتَ مَعْنَى، وَهُوَ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ، كَمَا لَوْ فَوَّتَ بَصَرَهُ أَوْ سَمْعَهُ أَوْ عَقْلَهُ، أَوْ فَكَّ تَرْكِيبَ بَابٍ وَنَحْوِهِ.
[فَصْلٌ غَصَبَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ فَنَقَصَ نِصْفُ قِيمَتِهِ ثُمَّ عَادَتْ قِيمَتُهُ]
(٣٩٦١) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ فَأَبْلَاهُ، فَنَقَصَ نِصْفُ قِيمَتِهِ، ثُمَّ غَلَتْ الثِّيَابُ، فَعَادَتْ لِذَلِكَ قِيمَتُهُ، كَمَا كَانَتْ، لَزِمَهُ رَدُّهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ، فَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، فَنَقَصَهُ لُبْسُهُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً، ثُمَّ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَصَارَتْ عَشَرَةً، رَدَّهُ وَرَدَّ خَمْسَةً؛ لِأَنَّ مَا تَلِفَ قَبْلَ غَلَاءِ الثَّوْبِ ثَبَتَتْ قِيمَتُهُ فِي الذِّمَّةِ خَمْسَةٌ، فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِغَلَاءِ الثَّوْبِ وَلَا رُخْصِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَخَّصَتْ الثِّيَابُ، فَصَارَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةً، لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا خَمْسَةٌ، مَعَ رَدِّ الثَّوْبِ.
وَلَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ كُلُّهُ، وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، ثُمَّ غَلَتْ الثِّيَابُ، فَصَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ عِشْرِينَ، لَمْ يَضْمَنْ إلَّا عَشَرَةً؛ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ عَشَرَةً، فَلَا تَزْدَادُ بِغَلَاءِ الثِّيَابِ، وَلَا تَنْقُصُ بِرُخْصِهَا.
[فَصْلٌ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ زوليا فَذَهَبَ بَعْضُ أَجْزَائِهِ]
(٣٩٦٢) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ زوليا، فَذَهَبَ بَعْضُ أَجْزَائِهِ، كَخَمْلِ الْمِنْشَفَةِ، وزئبرة الثَّوْبِ، فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ. وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَهُ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، لَزِمَهُ أَجْرُهُ، سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ أَوْ تَرَكَهُ. وَإِنْ اجْتَمَعَا، مِثْلُ أَنْ أَقَامَ عِنْدَهُ مُدَّةً، فَذَهَبَ بَعْضُ أَجْزَائِهِ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُمَا مَعًا، الْأَجْرُ وَأَرْشُ النَّقْصِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَهَابُ الْأَجْزَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إنْ نَقَصَ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ، كَثَوْبِ يَنْقُصُهُ النَّشْرُ، فَنَقَصَ بِنَشْرِهِ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ مُدَّةً، ضَمِنَ الْأَجْرَ وَالنَّقْصَ، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِعْمَالِ، كَثَوْبٍ لَبِسَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute