عَلَى الْغَرِيقِ، وَالْأَسِيرِ، وَمَنْ مَاتَ بِالْبَوَادِي، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكُ الْحَبَشَةِ، وَقَدْ أَسْلَمَ وَظَهَرَ إسْلَامُهُ، فَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ يُصَلِّي عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ كَانَ الْمَيِّتُ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ مَنْ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ]
(١٦٠٦) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ مَنْ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ قَالَ: وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى قَبْرِهِ، وَصَلَّى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ عَلَى مَيِّتٍ مَاتَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ بَغْدَادَ وَهُوَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ، فَجَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، كَالْغَائِبِ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَهَذَا مُنْتَقِضٌ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ فِي هَذَا الْجَانِبِ.
[فَصْلٌ تَتَوَقَّفُ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ بِشَهْرٍ]
(١٦٠٧) فَصْلٌ: وَتَتَوَقَّفُ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ بِشَهْرٍ، كَالصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بَقَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ تَلَاشٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَكِيلِ السَّبُعِ، وَالْمُحْتَرِقِ بِالنَّارِ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِذَهَابِهِ بِخِلَافِ الضَّائِعِ وَالْغَرِيقِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا غَرِقَ قَبْلَ الْغُسْلِ، كَالْغَائِبِ فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ تَعَذَّرَ لِمَانِعٍ، أَشْبَهَ الْحَيَّ إذَا عَجَزَ عَنْ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ.
[مَسْأَلَةٌ إنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا كَبَّرَ بِتَكْبِيرِهِ]
(١٦٠٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا كَبَّرَ بِتَكْبِيرِهِ) لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَلَا أَنْقَصُ، مِنْ أَرْبَعٍ وَالْأَوْلَى أَرْبَعٌ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا كَبَّرَ خَمْسًا تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ، وَلَا يُتَابِعُهُ فِي زِيَادَةٍ عَلَيْهَا.
رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ وَرَوَى حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ إذَا كَبَّرَ خَمْسًا، لَا يُكَبِّرُ مَعَهُ، وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ. قَالَ الْخَلَّالُ: وَكُلُّ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يُخَالِفُهُ. وَمِمَّنْ لَمْ يَرَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعٍ؛ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مَسْنُونَةٍ لِلْإِمَامِ، فَلَا يُتَابِعُهُ الْمَأْمُومُ فِيهَا، كَالْقُنُوتِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى.
وَلَنَا: مَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ «كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا، وَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَبِّرُهَا.» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُمَا. وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ: فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ سَعِيدٌ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى الْجَابِرِيِّ عَنْ عِيسَى مَوْلًى لِحُذَيْفَةَ، أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: مَوْلَايَ وَوَلِيُّ نِعْمَتِي صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَكَبَّرَ عَلَيْهَا خَمْسًا. وَذَكَرَ حُذَيْفَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا.
وَكَانَ أَصْحَابُ مُعَاذٍ يُكَبِّرُونَ عَلَى الْجَنَائِزِ خَمْسًا وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ، أَرْبَعًا وَخَمْسًا وَأَمَرَ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ. قَالَ أَحْمَدُ