للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ فِي كِتَابَتِهِ]

(٥٠١٤) فَصْلٌ: وَحُكْمُ الْمُكَاتَبِ يَتَزَوَّجُ فِي كِتَابَتِهِ، فَيَأْتِي لَهُ أَوْلَادٌ ثُمَّ يَعْتِقُ، حُكْمُ الْعَبْدِ الْقِنِّ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ، وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ عَبِيدٌ، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.

[فَصْلٌ انْجَرَّ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ ثُمَّ انْقَرَضُوا]

(٥٠١٥) فَصْلٌ: إذَا انْجَرَّ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ ثُمَّ انْقَرَضُوا، عَادَ الْوَلَاءُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ بِحَالٍ. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أَنَّهُ يَعُودُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ جَرَى مَجْرَى الِانْتِسَابِ، وَلَوْ انْقَرَضَ الْأَبُ وَآبَاؤُهُ لَمْ تَعُدْ النِّسْبَةُ إلَى الْأُمِّ، كَذَلِكَ الْوَلَاءُ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِ الْأَبِ، كَانَ وَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أَبِيهِ

بِلَا خِلَافٍ. فَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ، عَادَ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّا نَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ. فَإِنْ عَادَ فَاسْتَلْحَقَهُ، عَادَ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ.

[فَصْلٌ لَا يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ إلَّا بِشُرُوطِ]

(٥٠١٦) فَصْلٌ: وَلَا يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ الْأَبُ عَبْدًا حِينَ الْوِلَادَةِ، فَإِنْ كَانَ حُرًّا وَزَوْجَتُهُ مَوْلَاةٌ، لَمْ يَخْلُ، إمَّا أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ، فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَلَدِهِ بِحَالٍ وَإِنْ كَانَ مَوْلَى، ثَبَتَ الْوَلَاءُ عَلَى وَلَدِهِ لِمَوَالِيهِ ابْتِدَاءً، وَلَا جَرَّ فِيهِ الثَّانِي، أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ مَوْلَاةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تَخْلُ، إمَّا أَنْ تَكُونَ حُرَّةَ الْأَصْلِ، فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا بِحَالٍ، وَهُمْ أَحْرَارٌ بِحُرِّيَّتِهَا، أَوْ تَكُونُ أَمَةً، فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِهَا، فَإِنْ أَعْتَقَهُمْ فَوَلَاؤُهُمْ لَهُ لَا يَنْجَرُّ عَنْهُ بِحَالٍ، سَوَاءٌ أَعْتَقَهُمْ بَعْدَ وِلَادَتِهِمْ، أَوْ أَعْتَقَ أُمَّهُمْ حَامِلًا بِهِمْ فَعَتَقُوا.

بِعِتْقِهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ بِالْعِتْقِ مُبَاشَرَةً، فَلَا يَنْجَرُّ عَنْ الْعِتْقِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَدْ مَسَّهُ الرِّقُّ وَعَتَقَ بِالْمُبَاشَرَةِ، فَلَا يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، لَمْ يُحْكَمْ بِمَسِّ الرِّقِّ لَهُ، وَانْجَرَّ وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَلَمْ يَمَسَّهُ الرِّقُّ، وَلَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّهِ بِالشَّكِّ. وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَائِنًا، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِينِ الْفُرْقَةِ، لَمْ يُلْحَقْ بِالْأَبِ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ، وَانْجَرَّ وَلَاؤُهُ، وَوَلَدُ الْأَمَةِ مَمْلُوكٌ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِنْ سِفَاحٍ، عَرَبِيًّا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ أَعْجَمِيًّا

وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ. وَعَنْ عُمَرَ: إنْ كَانَ زَوْجُهَا عَرَبِيًّا فَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُهُ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. وَالْأُوَلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أُمَّهُمْ أَمَةٌ، فَكَانُوا عَبِيدًا، كَمَا لَوْ كَانَ أَبُوهُمْ أَعْجَمِيًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>