للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ. وَإِنْ نَقَلَهَا إلَى الْبَعِيدِ لِتَحَرِّي قَرَابَةٍ، أَوْ مَنْ كَانَ أَشَدَّ حَاجَةً، فَلَا بَأْسَ، مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ.

[فَصْلُ أَخَذَ السَّاعِي الصَّدَقَةَ وَاحْتَاجَ إلَى بَيْعِهَا لِمَصْلَحَةِ مَنْ كَلَّفَهُ فِي نَقْلِهَا أَوْ مَرَضِهَا]

(١٨٠٢) فَصْلٌ: وَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي الصَّدَقَةَ، وَاحْتَاجَ إلَى بَيْعِهَا لِمَصْلَحَةِ مَنْ كَلَّفَهُ فِي نَقْلِهَا أَوْ مَرَضِهَا أَوْ نَحْوِهِمَا، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِمَا رَوَى قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى فِي إبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً كَوْمَاءَ، فَسَأَلَ عَنْهَا؟ فَقَالَ الْمُصَدِّقُ: إنِّي ارْتَجَعْتهَا بِإِبِلٍ. فَسَكَتَ.» رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فِي " الْأَمْوَالِ "،

وَقَالَ: الرَّجْعَةُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مِثْلَهَا أَوْ غَيْرَهَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ إلَى بَيْعِهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ؛ لِحَدِيثِ قَيْسٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَكَتَ حِينَ أَخْبَرَهُ الْمُصَدِّقُ بِارْتِجَاعِهَا، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ.

[مَسْأَلَةُ بَاعَ مَاشِيَةً قَبْلَ الْحَوْلِ بِمِثْلِهَا]

(١٨٠٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا بَاعَ مَاشِيَةً قَبْلَ الْحَوْلِ بِمِثْلِهَا، زَكَّاهَا إذَا تَمَّ حَوْلٌ مِنْ وَقْتِ مِلْكِهِ الْأَوَّلِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ نِصَابًا لِلزَّكَاةِ، مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ بِجِنْسِهِ، كَالْإِبِلِ بِالْإِبِلِ، أَوْ الْبَقَرِ بِالْبَقَرِ، أَوْ الْغَنَمِ بِالْغَنَمِ، أَوْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ، وَبَنَى حَوْلَ الثَّانِي عَلَى حَوْلِ الْأَوَّلِ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْبَنِي حَوْلُ نِصَابٍ عَلَى حَوْلِ غَيْرِهِ بِحَالٍ؛ لِقَوْلِهِ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» . وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ، فَلَمْ يَنْبَنِ عَلَى حَوْلِ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ. وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْأَثْمَانِ. وَوَافَقَ الشَّافِعِيَّ فِيمَا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا وَجَبَتْ فِي الْأَثْمَانِ لِكَوْنِهَا ثَمَنًا، وَهَذَا الْمَعْنَى يَشْمَلُهَا، بِخِلَافِ غَيْرِهَا.

وَلَنَا، أَنَّهُ نِصَابٌ يُضَمُّ إلَيْهِ نَمَاؤُهُ فِي الْحَوْلِ، فَبُنِيَ حَوْلُ بَدَلِهِ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى حَوْلِهِ، كَالْعُرُوضِ، وَالْحَدِيثُ مَخْصُوصٌ بِالنَّمَاءِ وَالرِّبْحِ وَالْعُرُوضِ، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ مَحَلَّ النِّزَاعِ، وَالْجِنْسَانِ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ مَعَ وُجُودِهِمَا. فَأَوْلَى أَنْ لَا يُبْنَى حَوْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.

(١٨٠٤) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ، عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ غَنَمٌ سَائِمَةٌ، فَيَبِيعُهَا بِضِعْفِهَا مِنْ الْغَنَمِ، أَيُزَكِّيهَا كُلَّهَا، أَمْ يُعْطِي زَكَاةَ الْأَصْلِ؟ قَالَ: بَلْ يُزَكِّيهَا كُلَّهَا، عَلَى حَدِيثِ عُمَرَ فِي السَّخْلَةِ يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي؛ لِأَنَّ نَمَاءَهَا مَعَهَا. قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ؟ قَالَ: يُزَكِّيهَا كُلَّهَا عَلَى حَدِيثِ حَمَاسٍ، فَأَمَّا إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>