للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثٍ، فَصَارَ إيلَاؤُهُ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَإِيلَائِهِ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يَتَحَصَّلُ مِنْ أَقْوَالِهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ: قَوْلَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ، وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: لَا يَعُودُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بِحَالِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِحَالٍ لَوْ آلَى مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ إيلَاؤُهُ، فَبَطَلَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ مِنْهَا، كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا. وَلَنَا أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ بِيَمِينٍ فِي حَالِ نِكَاحِهَا، فَثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ، وَفَارَقَ الْإِيلَاءَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِالْيَمِينِ عَلَيْهَا الْإِضْرَارَ بِهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

[فَصْلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا]

(٦١٥٧) فَصْلٌ: وَلَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا، وَتَزَوَّجَهَا، عَادَ الْإِيلَاءُ. وَلَوْ كَانَ الْمُولِي عَبْدًا، فَاشْتَرَتْهُ امْرَأَتُهُ، ثُمَّ أَعْتَقَتْهُ، وَتَزَوَّجَتْهُ، عَادَ الْإِيلَاءُ. وَلَوْ بَانَتْ الزَّوْجَةُ بِرِدَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا جَدِيدًا، عَادَ الْإِيلَاءُ، وَتُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. وَسَوَاءٌ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ ثَانٍ أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ كَانَتْ مِنْهُ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، فَيَبْقَى حُكْمُهَا مَا وَجَدَتْ الزَّوْجِيَّةُ. وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا جَامَعْتُك. ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ نَكَحَتْ غَيْرَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ، عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمَعْقُودَةَ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ لَا تَنْحَلُّ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ، ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِيلَاءِ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ وُجِدَتْ فِي حَالِ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً، وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ بِالْحَلِفِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَتْ وَهِيَ امْرَأَتُهُ.

[مَسْأَلَة آلَى مِنْهَا وَاخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ]

(٦١٥٨) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَوْ آلَى مِنْهَا، وَاخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَنَّهَا لَمْ تَمْضِ مَعَ يَمِينِهِ) إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مُضِيِّ الْمُدَّةِ يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي وَقْتِ يَمِينِهِ؛ فَإِنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْيَمِينِ، حُسِبَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَعُلِمَ هَلْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَوْ لَا. وَزَالَ الْخِلَافُ. أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: حَلَفْتُ فِي غُرَّةِ رَمَضَانَ. وَقَالَتْ: بَلْ حَلَفْتَ فِي غُرَّةِ شَعْبَانَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ. فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِيلَاءِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَلِفِ فِي غُرَّةِ شَعْبَانَ، فَكَانَ قَوْلُهُ فِي نَفْيِهِ مُوَافِقًا لِلْأَصْلِ. قَالَ الْخِرَقِيِّ: وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّ.

وَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ، إلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ، فَلَمْ تُشْرَعْ فِيهِ يَمِينٌ، كَمَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَنْكَرَتْهُ. وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ يَجُوزُ بَذْلُهُ، فَيُسْتَحْلَفُ فِيهِ، كَالدُّيُونِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>