للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا أَنَّهُ عَادِمٌ لِلطَّوْلِ، خَائِفٌ لِلْعَنَتِ، فَأُبِيحَ لَهُ نِكَاحُهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: ٢٥] الْآيَةَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي صُلْبِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ، بَلْ يَجُوزُ إذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطَانِ.

[فَصْلٌ إنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا]

(٥٣١٦) فَصْلٌ: وَإِنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَحُكْمُ الْعِدَّةِ مِنْ الزِّنَا وَالْعِدَّةِ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ كَحُكْمِ الْعِدَّةِ مِنْ النِّكَاحِ فَإِنْ زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ: يُمْسِكُ عَنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُ فِي الْمَزْنِيِّ بِهَا أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ، وَلَا أَحْكَامَهُ أَحْكَامُ النِّكَاحِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَحْرُمَ بِذَلِكَ أُخْتُهَا، وَلَا أَرْبَعٌ سِوَاهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْكُوحَةً، وَمُجَرَّدُ الْوَطْءِ لَا يَمْنَعُ، بِدَلِيلِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ لَا يَمْنَعُ أَرْبَعًا سِوَاهَا.

[فَصْلٌ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ امْرَأَتَهُ أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي مُدَّةٍ يَجُوزُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا وَكَذَّبَتْهُ]

(٥٣١٧) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ امْرَأَتَهُ أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي مُدَّةٍ يَجُوزُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا، وَكَذَّبَتْهُ أُبِيحَ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي الظَّاهِرِ، فَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيُبْنَى عَلَى صِدْقِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا وَنَفْيِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا وَلِوَلَدِهَا، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ.

وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُصَدَّقُ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ وَاحِدٌ لَا يُصَدَّقُ فِي بَعْضِ حُكْمِهِ، فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ، قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ الْوَاحِدُ صِدْقًا وَكَذِبًا، وَلَنَا أَنَّهُ قَوْلٌ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقٍّ لِغَيْرِهِ، وَحَقًّا لَهُ لَا ضَرَرَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُصَدَّقَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ، صُدِّقَ فِي حُرِّيَّتِهِ، وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي الرُّجُوعِ بِثَمَنِهِ. وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ امْرَأَتَهُ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ، صُدِّقَ فِي بَيْنُونَتِهَا وَتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي سُقُوطِ مَهْرِهَا.

[مَسْأَلَةٌ خَطَبَ امْرَأَةً فَزُوِّجَ بِغَيْرِهَا]

(٥٣١٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ خَطَبَ امْرَأَةً فَزُوِّجَ بِغَيْرِهَا، لَمْ يَنْعَقِدْ النِّكَاحُ) مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا، فَيُجَابَ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يُوجَبُ لَهُ النِّكَاحُ فِي غَيْرِهَا، وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا الَّتِي خَطَبَهَا، فَيَقْبَلُ، فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ انْصَرَفَ إلَى غَيْرِ مَنْ وُجِدَ الْإِيجَابُ فِيهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ سَاوَمَهُ بِثَوْبٍ وَأَوْجَبَ الْعَقْدَ فِي غَيْرِهِ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي، فَلَوْ عَلِمَ الْحَالَ بَعْدَ ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>