للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَسِتَّةِ أَعْبُدٍ، قِيمَةُ كُلِّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْمَالِ، جَعَلْنَا كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ ثُلُثًا، وَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ، وَسَهْمَيْ رِقٍّ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاَللَّذَانِ يَقَعُ لَهُمَا سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ يُعْتَقَانِ، وَيُرَقُّ الْآخَرُونَ. وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ كَسْرٌ، كَمَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ، أَقْرَعْت بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ، فَأَيُّهُمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ، ضَرَبْت قِيمَتَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، فَمَهْمَا بَلَغَ نَسَبْت إلَيْهِ قِيمَةَ الْعَبْدَيْنِ جَمِيعًا، فَمَهْمَا خَرَجَ بِالنِّسْبَةِ، فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يُعْتَقُ مِنْهُ. فَقِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، إذَا وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَتَانِ، ضَرَبْتهمَا فِي ثَلَاثَةٍ، صَارَتْ سِتَّمِائَةٍ، وَنَسَبْت مِنْهَا قِيمَةَ الْعَبْدَيْنِ مَعًا، وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ، تَجِدُهَا خَمْسَةَ أَسْدَاسِهَا، فَيُعْتَقُ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ. وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، عَتَقَ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ. وَتَمَامُ شَرْحِ ذَلِكَ يَأْتِي فِي بَابِ الْعِتْقِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةٌ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ]

(٤٧٩٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ لِرَجُلٍ، وَلَمْ يُسَمِّ الْعَبْدَ، كَانَ لَهُ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ، إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِلَّا مَلَكَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، وَشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ، تَصِحُّ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَجْهُولِ تَصِحُّ فِيمَا مَضَى. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَاخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ، فَرُوِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَحَدَهُمْ بِالْقُرْعَةِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ إِسْحَاقَ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، أَنَّهُ يُعْطَى أَحْسَنَهُمْ. يَعْنِي يُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا أَحَبُّوا مِنْ الْعَبِيدِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ قَوْلًا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعَبْدٍ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدْ، فَلَهُ ثُلُثُهُمْ. وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَلَهُ رُبْعُهُمْ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا أَوْصَى بِعَشْرٍ مِنْ إبِلِهِ، وَهِيَ مِائَةٌ، يُعْطَى عُشْرَهَا، وَالنَّخْلُ، وَالرَّقِيقُ، وَالدَّوَابُّ عَلَى ذَلِكَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعْطَى عَشْرَةً بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَنَاوَلَهُ لَفْظُهُ، وَلَفْظُهُ هُوَ الْمُقْتَضِي، فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ، وَلَكِنْ يُعْطَى وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَلَيْسَ وَاحِدٌ بِأَوْلَى مِنْ وَاحِدٍ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى الْقُرْعَةِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْهُمْ. وَعَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، يُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مِنْ عَبِيدِهِ مَا شَاءُوا، مِنْ صَحِيحٍ أَوْ مَعِيبٍ جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْعَبْدِ فَأَجْزَأَ، كَمَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى عَبِيدِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ. تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ إلَّا وَاحِدًا، تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْبَاقِي. وَإِنْ تَلِفَ رَقِيقُهُ جَمِيعُهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ قُتِلُوا، بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْمَوْتِ، وَلَا رَقِيقَ لَهُ حِينَئِذٍ. وَإِنْ تَلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ عِنْدَ الْوَرَثَةِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي أَيْدِيهِمْ بِغَيْرِ فِعْلِهِمْ. وَإِنْ قَتَلَهُمْ قَاتِلٌ، فَلِلْمُوصَى لَهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ، مَبْنِيًّا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ. وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي. وَلَا عَبِيدَ لَهُ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِلَا شَيْءٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>