للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُفَارِقُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ حُجَّةً لِلْمُدَّعِي، وَلِأَنَّهَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَتُهَا، فَكَمَلَتْ فِي حَقِّ وَاحِدٍ؛ كَالْيَمِينِ الْمُنْكَسِرَةِ فِي الْقَسَامَةِ، فَإِنَّهَا تُجْبَرُ وَتَكْمُلُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ؛ لِكَوْنِهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَمَا لَا يَتَبَعَّضُ يَكْمُلُ، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. وَمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْيَمِينِ عَمَّنْ عَلَيْهِ بَعْضُهَا، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ تَسَاوَى الْكَسْرَانِ، بِأَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ نِصْفُهَا، أَوْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ ثُلُثُهَا، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُهَا؛ وَلِأَنَّ الْيَمِينَ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى تَكْمُلُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ، وَيَسْتَوِي مَنْ لَهُ فِي الْمُدَّعَى كَثِيرٌ وَقَلِيلٌ، كَذَا هَاهُنَا، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يَتَحَمَّلَ الْيَمِينَ غَيْرُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، كَالْيَمِينِ الْكَامِلَةِ، وَكَالْجُزْءِ الْأَكْبَرِ.

(٧٠٣١) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا قَسَامَةَ عَلَيْهِ بِحَالٍ، وَهُوَ النِّسَاءُ، سَقَطَ حُكْمُهُ، فَإِذَا كَانَ ابْنٌ وَبِنْتٌ، حَلَفَ الِابْنُ الْخَمْسِينَ كُلَّهَا. وَإِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، قُسِمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ، عَلَى أَحَدَ عَشَرَ، عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ ثَلَاثَةٌ، وَعَلَى الْآخَرِ ثَمَانِيَةٌ، ثُمَّ يُجْبَرُ الْكَسْرُ عَلَيْهِمَا، فَيَحْلِفُ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ يَمِينًا، وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ يَمِينًا.

[فَصْلٌ مَاتَ الْمُسْتَحَقّ الْقَسَامَة]

(٧٠٣٢) فَصْلٌ: فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ، انْتَقَلَ إلَى وَارِثِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَيْمَانِ، وَكَانَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ، وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ فِيهَا عَلَيْهِمْ، كَمَا يَنْجَبِرُ فِي حَقِّ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ. وَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ، قُسِمَ نَصِيبُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، فَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ ثَلَاثَةُ بَنِينَ، كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا، فَإِنْ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ، وَخَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ، قُسِمَتْ أَيْمَانُهُ بَيْنَهُمْ، فَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِتَّةُ أَيْمَانٍ. وَإِنْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ تِسْعَةَ أَيْمَانٍ. وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَوْرُوثِ فِي إثْبَاتِ حُجَجِهِ، كَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ مَالِهِ، وَهَذَا مِنْ حُجَجِهِ، وَلِذَلِكَ يَمْلِكُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ وَالْحَلِفَ فِي الْإِنْكَارِ، وَمَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي دَعْوَى الْمَالِ.

وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْأَيْمَانِ، فَحَلَفَ بَعْضَهَا، فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يَسْتَأْنِفُونَ الْأَيْمَانَ، وَلَا يَبْنُونَ عَلَى أَيْمَانِهِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ جَرَتْ مَجْرَى الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ أَحَدٌ بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَلَا يَبْطُلُ هَذَا بِمَا إذَا حَلَفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ ثُمَّ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَالَ إرْثًا عَنْهُ، لَا بِيَمِينِهِ، وَلِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْوَارِثَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا، فَإِنَّ الدِّيَةَ تُسْتَحَقُّ بِيَمِينِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْأَيْمَانِ، وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ أَيْمَانِهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ اجْتِمَاعُ الْعَدَدِ شَرْطًا فِي اسْتِحْقَاقِهَا.

[فَصْلٌ حَلَفَ بَعْض الْأَيْمَانِ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ]

(٧٠٣٣) فَصْلٌ: وَلَوْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ، ثُمَّ جُنَّ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَإِنَّهُ يُتَمِّمُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ؛ لِأَنَّ أَيْمَانَهُ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>