إلَى ثَمَنِهِ، فَمَلَكَ الْفَسْخَ، كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي.
وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، ثَبَتَ الْعَقْدَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ دُونَ الْآخَرِ ثَبَتَ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ دُونَ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَا الْمُتَبَايِعَانِ فِي صِفَة الثَّمَن]
(٣٠٧٢) فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ رُجِعَ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا لَا يَعْقِدَانِ إلَّا بِهِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ، رُجِعَ إلَى أَوْسَطِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا كَانَ هُوَ الْأَغْلَبَ، وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْمُعَامَلَةِ بِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَدَّهُمَا إلَيْهِ مَعَ التَّسَوِّي؛ لِأَنَّ فِيهِ تَوَسُّطًا بَيْنَهُمَا، وَتَسْوِيَةً بَيْنَ حَقَّيْهِمَا، وَفِي الْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ مَيْلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَكَانَ التَّوَسُّطُ أَوْلَى، وَعَلَى مُدَّعِي ذَلِكَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ خَصْمُهُ مُحْتَمِلٌ، فَتَجِبُ الْيَمِينُ لِنَفْيِ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ، كَوُجُوبِهَا عَلَى الْمُنْكِرِ.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا نَقْدَانِ مُتَسَاوِيَانِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَالَفَا؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَتَرَجَّحْ قَوْلُ أَحَدِهِمَا، فَيَتَحَالَفَانِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَا الْمُتَبَايِعَانِ فِي أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ فِي قَدْرِهِمَا أَوْ فِي شَرْط خِيَار أَوْ ضُمِّينِ أَوْ غَيْر ذَلِكَ]
(٣٠٧٣) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ، أَوْ فِي قَدْرِهِمَا، أَوْ فِي شَرْطِ خِيَارٍ، أَوْ ضَمِينٍ؛ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَتَحَالَفَانِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَقْدِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَحَالَفَا، قِيَاسًا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ. وَالثَّانِيَةُ، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ، كَأَصْلِ الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَا الْمُتَبَايِعَانِ فِيمَا يُفْسِد الْعَقْد أَوْ شَرْط فَاسِد]
(٣٠٧٤) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، أَوْ شَرْطٍ فَاسِدٍ، فَقَالَ: بِعْتُك بِخَمْرٍ، أَوْ خِيَارٍ مَجْهُولٍ. فَقَالَ: بَلْ بِعْتنِي بِنَقْدٍ مَعْلُومٍ، أَوْ خِيَارِ ثَلَاثٍ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ تَعَاطِي الْمُسْلِمِ الصَّحِيحَ أَكْثَرُ مِنْ تَعَاطِيه لِلْفَاسِدِ. وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك مُكْرَهًا. فَأَنْكَرَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ، وَصِحَّةُ الْبَيْعِ. وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْعَقْدِ، وَاخْتَلَفَا فِيمَا يُفْسِدُهُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّغَرَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَيُفَارِقُ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ فَاسِدٍ أَوْ إكْرَاهٍ لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَهَا هُنَا الْأَصْلُ بَقَاؤُهُ. وَالثَّانِي أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُكَلَّفِ أَنَّهُ لَا يَتَعَاطَى إلَّا الصَّحِيحَ. وَهَا هُنَا مَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُكَلَّفًا.