رَوَاحَةَ: أَقْسَمْت بِاَللَّهِ لَتَنْزِلَنَّهُ وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَقْسَمْت بِاَللَّهِ. الْخَبَرَ عَنْ قَسَمٍ مَاضٍ، أَوْ بِقَوْلِهِ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ. عَنْ قَسَمٍ يَأْتِي بِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَإِنَّ ادَّعَى إرَادَةَ ذَلِكَ، قُبِلَ مِنْهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ. وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَلَنَا، أَنَّ هَذَا حُكْمٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى، فَإِذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ نَوَى شَيْئًا أَوْ أَرَادَهُ، مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ إيَّاهُ، لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ. وَإِنْ قَالَ: شَهِدْت بِاَللَّهِ أَنِّي آمَنْت بِاَللَّهِ. فَلَيْسَ بِيَمِينٍ. وَإِنْ قَالَ: أَعْزِمُ بِاَللَّهِ. يَقْصِدُ الْيَمِينَ، فَهُوَ يَمِينٌ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَمِينٌ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ بِيَمِينٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عُرْفُ الشَّرْعِ، وَلَا الِاسْتِعْمَالِ، وَظَاهِرُهُ غَيْرُ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَقْصِدُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْيَمِينَ، وَقَدْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ جَوَابُهُ بِجَوَابِ الْقَسَمِ، فَيَكُونُ يَمِينًا. فَأَمَّا إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ غَيْرَ الْيَمِينَ، لَمْ يَكُنْ يَمِينًا.
[فَصْلٌ الْإِيلَاءَ وَالْحَلِفَ وَالْقَسَمِ وَاحِدٌ]
(٧٩٧١) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ، أَوْ أُولِي بِاَللَّهِ، أَوْ حَلَفْت بِاَللَّهِ، أَوْ آلَيْت بِاَللَّهِ، أَوْ أَلْيَةً بِاَللَّهِ، أَوْ حَلِفًا بِاَللَّهِ، أَوْ قَسَمًا بِاَللَّهِ. فَهُوَ يَمِينٌ، سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ أَوْ أَطْلَقَ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ. وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ فِي تَفْصِيلِهِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ وَالْحَلِفَ وَالْقَسَمَ وَاحِدٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] .
وَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ، لَقَدْ جَاءَكُمْ أُسَيْدَ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أُولِي بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ إلَى مِنًى ... وَمَطَارِحِ الْأَكْوَارِ حَيْثُ تَبِيتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute