نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ نِكَاحِ الْحُرِّ الْأَمَةَ، خَوْفَ الْعَنَتِ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الطِّفْلِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِهَا كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا، وَإِنْ أَرْضَعَتْهُ، لَمْ تَحْرُمْ عَلَى سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ فِي الْحَقِيقَةِ.
[فَصْلٌ طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ]
(٦٤٢٨) فَصْلٌ: وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ، لَمْ يَخْلُ مِنْ خَمْسَةِ أَحْوَالٍ؛ أَحَدهَا، أَنْ يَبْقَى لَبَنُ الْأَوَّلِ بِحَالِهِ، لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْ الثَّانِي، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، سَوَاءٌ حَمَلَتْ مِنْ الثَّانِي أَوْ لَمْ تَحْمِلْ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ كَانَ لِلْأَوَّلِ، وَلَمْ يَتَجَدَّدْ مَا يَجْعَلُهُ مِنْ الثَّانِي، فَبَقِيَ لِلْأَوَّلِ. الثَّانِي: أَنْ لَا تَحْمِلَ مِنْ الثَّانِي، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، سَوَاءٌ زَادَ أَوْ لَمْ يَزِدْ، أَوْ انْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ، أَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ. الثَّالِثُ: أَنْ تَلِدَ مِنْ الثَّانِي، فَاللَّبَنُ لَهُ خَاصَّةً. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، سَوَاءٌ زَادَ أَوْ لَمْ يَزِدْ، انْقَطَعَ أَوْ اتَّصَلَ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْأَوَّلِ يَنْقَطِعُ بِالْوِلَادَةِ مِنْ الثَّانِي، فَإِنَّ حَاجَةَ الْمَوْلُودِ إلَى اللَّبَنِ تَمْنَعُ كَوْنَهُ لِغَيْرِهِ.
الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ لَبَنُ الْأَوَّلِ بَاقِيًا، وَزَادَ بِالْحَمْلِ مِنْ الثَّانِي، فَاللَّبَنُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ لِلْأَوَّلِ، مَا لَمْ تَلِدْ مِنْ الثَّانِي. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ لَمْ يَنْتَهِ الْحَمْلُ إلَى حَالٍ يَنْزِلُ مِنْهُ اللَّبَنُ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ بَلَغَ إلَى حَالٍ يَنْزِلُ بِهِ اللَّبَنُ، فَزَادَ بِهِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، هُوَ لِلْأَوَّلِ. وَالثَّانِي، هُوَ لَهُمَا.
وَلَنَا، أَنَّ زِيَادَتَهُ عِنْدَ حُدُوثِ الْحَمْلِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا مِنْهُ، وَبَقَاءُ لَبَنِ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي كَوْنَ أَصْلِهِ مِنْهُ، فَيَجِبُ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُمَا. الْحَالُ الْخَامِسُ: انْقَطَعَ مِنْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ ثَابَ بِالْحَمْلِ مِنْ الثَّانِي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ مِنْهُمَا. وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ إذَا انْتَهَى الْحَمْلُ إلَى حَالٍ يَنْزِلُ بِهِ اللَّبَنُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّبَنَ كَانَ لِلْأَوَّلِ، فَلَمَّا عَادَ بِحُدُوثِ الْحَمْلِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَبَنَ الْأَوَّلِ ثَابَ بِسَبَبِ الْحَمْلِ الثَّانِي، فَكَانَ مُضَافًا إلَيْهِمَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ. وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ مِنْ الثَّانِي. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْأَوَّلِ انْقَطَعَ، فَزَالَ حُكْمُهُ بِانْقِطَاعِهِ، وَحَدَثَ بِالْحَمْلِ مِنْ الثَّانِي، فَكَانَ لَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ مِنْ الْأَوَّلِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ لِلْأَوَّلِ، مَا لَمْ تَلِدْ مِنْ الثَّانِي. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ لِلشَّافِعِي؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَقْتَضِي اللَّبَنَ، وَإِنَّمَا يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْوَلَدِ عِنْدَ وُجُودِهِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ قَدْ سَبَقَ.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَصَغِيرَةً فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا]
(٦٤٢٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَوْ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَصَغِيرَةً، فَلَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ حَتَّى أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَةَ فِي الْحَوْلَيْنِ، حَرُمَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute