الْمَدْفُونَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُودَعٌ فِيهَا لِلنَّقْلِ عَنْهَا، فَأَشْبَهَ الْفَرْشَ، وَالسُّتُورَ، وَلَا مَا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا يَخْتَصُّ بِمَصْلَحَتِهَا، كَالْفَرْشِ، وَالسُّتُورِ، وَالطَّعَامِ، وَالرُّفُوفِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَوْتَادِ بِغَيْرِ تَسْمِيرٍ، وَلَا غَرْزٍ فِي الْحَائِطِ، وَالْحَبْلِ، وَالدَّلْوِ، وَالْبَكَرَةِ، وَالْقُفْلِ، وَحَجَرِ الرَّحَى، إذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَنْصُوبًا، وَالْخَوَابِي الْمَوْضُوعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَيِّنَ عَلَيْهَا، وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا، لَا يَخْتَصُّ بِمَصْلَحَتِهَا، فَأَشْبَهَ الثِّيَابَ.
وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ مَصَالِحِهَا، لَكِنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا، كَالْمِفْتَاحِ، وَالْحَجَرِ الْفَوْقَانِيِّ مِنْ الرَّحَا إذَا كَانَ السفلاني مَنْصُوبًا، فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهَا، فَأَشْبَهَ الْمَنْصُوبَ فِيهَا. وَالثَّانِي، لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا، فَأَشْبَهَ السفلاني إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا، وَالْقُفْلَ، وَالدَّلْوَ، وَنَحْوَهُمَا. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كَمَذْهَبِنَا سَوَاءٌ.
(٢٨٩٤) فَصْلٌ: وَمَا كَانَ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْحِجَارَةِ الْمَخْلُوقَةِ فِيهَا، أَوْ مَبْنِيٍّ فِيهَا، كَأَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ الْمُتَهَدِّمَةِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهَا، فَهِيَ كَحِيطَانِهَا، وَتُرَابِهَا، وَالْمَعَادِنِ الْجَامِدَةِ فِيهَا، وَالْآجِرُ كَالْحِجَارَةِ فِي هَذَا. وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِذَلِكَ، فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ، وَيَنْقُصُهَا، كَالصَّخْرِ الْمُضِرِّ بِعُرُوقِ الشَّجَرِ، فَهُوَ عَيْبٌ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ، أَوْ الْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ، كَمَا فِي سَائِرِ الْمَبِيعِ.
فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْحِجَارَةُ أَوْ الْآجِرُ مُودَعًا فِيهَا لِلنَّقْلِ عَنْهَا، فَهِيَ لِلْبَائِعِ، كَالْكَنْزِ، وَعَلَيْهِ نَقْلُهَا، وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ إذَا نَقَلَهَا، وَإِصْلَاحُ الْحُفَرِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ لَحِقَ لِاسْتِصْلَاحِ مِلْكِهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ. وَإِنْ كَانَ قَلْعُهَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ، أَوْ تَتَطَاوَلُ مُدَّتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي عَالِمًا، فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهَا ضَرَرٌ، وَيُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ، كَالثَّلَاثَةِ فَمَا دُونُ، فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِنَقْلِهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِي تَبْقِيَتِهَا، بِخِلَافِ الزَّرْعِ. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَا أُجْرَةَ فِي الزَّمَانِ الَّذِي نُقِلَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَرَضِيَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَاخْتَارَ إمْسَاكَ الْمَبِيعِ، فَهَلْ لَهُ أُجْرَةٌ لِزَمَانِ النَّقْلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُتْلِفِ، فَكَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهَا، كَالْأَجْزَاءِ. وَالثَّانِي، لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِإِمْسَاكِ الْمَبِيعِ رَضِيَ بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ فِي زَمَانِ النَّقْلِ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ الْإِمْسَاكَ، فَقَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَدَعُ ذَلِكَ لَك. وَكَانَ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِي بَقَائِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ زَالَ عَنْهُ.
[فَصْلٌ إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ مَعَادِنُ جَامِدَةٌ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ]
(٢٨٩٥) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَعَادِنُ جَامِدَةٌ، كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْحَدِيدِ، وَالنُّحَاسِ، وَالرَّصَاصِ، وَنَحْوِهَا، دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ، وَمُلِكَتْ بِمِلْكِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا، فَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute