فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا الصَّدَاقَ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْ فَرْجِهَا، فَإِذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدُوهَا» .
وَرَوَى سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ "، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ كَثِيرٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ تَزَوَّجَ جَارِيَةً مِنْ قَوْمِهِ، يُقَالُ لَهَا الدَّرْدَاءُ، فَانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَلَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ، وَمَاتَ أَبُو الْجَارِيَةِ فَزَوَّجَهَا أَهْلُهَا رَجُلًا، يُقَالُ لَهُ عِكْرِمَةُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَقَدِمَ فَخَاصَمَهُمْ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَصُّوا عَلَيْهِ قِصَّتَهُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَرْأَةَ، وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْ عِكْرِمَةَ، فَوَضَعَتْ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَعَلِيٍّ: أَنَا أَحَقُّ بِمَالِيِّ أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتِ أَحَقُّ بِمَالِك. قَالَتْ: فَاشْهَدُوا أَنَّ مَا كَانَ لِي عَلَى عِكْرِمَةَ مِنْ صَدَاقٍ فَهُوَ لَهُ، فَلَمَّا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، رَدَّهَا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْن الْحُرِّ، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأَبِيهِ.
[فَصْلٌ الصَّدَاق إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ دَيْن]
(٥٦٦٠) فَصْلٌ: وَالصَّدَاقُ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ، فَهُوَ دَيْنٌ، إذَا مَاتَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سِوَاهُ، قُسِّمَ مَالُهُ بَيْنهمْ بِالْحِصَصِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي مَرِيضٍ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَاتَ: مَا تَرَكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَالْمَرْأَةِ بِالْحِصَصِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمَرِيضِ صَحِيحٌ، وَالصَّدَاقَ دَيْنٌ، فَتَسَاوَى سَائِرُ الدُّيُونِ.
[فَصْلٌ كَانَتْ الْفُرْقَة قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ قَبْلَ الْمَرْأَة]
فَصْلٌ: وَكُلُّ فُرْقَةٍ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، مِثْلُ إسْلَامِهَا، أَوْ رِدَّتِهَا، أَوْ إرْضَاعِهَا مَنْ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِإِرْضَاعِهِ، أَوْ ارْتِضَاعِهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ، أَوْ فَسَخَتْ لِإِعْسَارَةِ، أَوْ عَيْبِهِ، أَوْ لِعِتْقِهَا تَحْت عَبْدٍ، أَوْ فَسْخِهِ بِعَيْبِهَا، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُهَا، وَلَا يَجِبُ لَا مُتْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ الْمُعَوَّضَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ، فَسَقَطَ الْبَدَلُ كُلُّهُ، كَالْبَائِعِ يُتْلِفُ الْمَبِيعَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الزَّوْجِ، كَطَلَاقِهِ، وَخُلْعِهِ، وَإِسْلَامِهِ، وَرِدَّتِهِ، أَوْ جَاءَتْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، كَالرَّضَاعِ، أَوْ وَطْءٍ يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ، سَقَطَ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَوَجَبَ نِصْفُهُ أَوْ الْمُتْعَةُ لِغَيْرِ مَنْ سُمِّيَ لَهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى مَنْ فَسَخَ النِّكَاحَ إذَا جَاءَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِ أَجْنَبِيٍّ. وَإِنْ قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ، اسْتَقَرَّ الْمَهْرُ جَمِيعُهُ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ حَصَلَتْ بِالْمَوْتِ، وَانْتِهَاءِ النِّكَاحِ، فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الْمَهْرُ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا، سَوَاءٌ قَتَلَهَا زَوْجُهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا، أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا.
وَإِنْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْإِيلَاءِ، فَهُوَ كَطَلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَهُ فِي إيفَاءِ الْحَقِّ عَلَيْهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ. وَفِي فُرْقَةِ اللِّعَانِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، هِيَ كَطَلَاقِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ اللِّعَانِ قَذْفُهُ الصَّادِرُ مِنْهُ. وَالثَّانِيَةُ، يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ عَقِيبَ لِعَانِهَا، فَهُوَ كَفَسْخِهَا لِعُنَّتِهِ. وَفِي فُرْقَةِ شِرَائِهَا لِزَوْجِهَا أَيْضًا رِوَايَتَانِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute