للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا بِمُطْلَقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْذُورٌ مُعَيَّنٌ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ كَفَّارَةٌ فِي الْعَجْزِ عَنْهُ، كَمَا فِي الْعَجْزِ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.

(٨١٧٩) فَصْلٌ: وَإِنْ عَجَزَ لِعَارِضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ، مِنْ مَرَضٍ، أَوْ نَحْوِهِ انْتَظَرَ زَوَالَهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا غَيْرُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ الْوَقْتُ، فَيُشْبِهُ الْمَرِيضَ فِي شَهْرِ رَمَضَانِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَجْزُهُ إلَى أَنْ صَارَ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ، صَارَ إلَى الْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ الْمَرْجُوُّ الزَّوَالِ عَنْ صَوْمٍ مُعَيَّنٍ، فَاتَ وَقْتُهُ، انْتَظَرَ الْإِمْكَانَ لِيَقْضِيَهُ. وَهَلْ تَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ كَفَّارَةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ؛ إحْدَاهُمَا، تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَعَجَزَ، وَلِأَنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ هَذَا الشَّهْرَ، فَأَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ. لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ، كَذَا هَاهُنَا.

وَالثَّانِيَةُ، لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصِيَامٍ أَجْزَأَهُ عَنْ نَذْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كَمَا لَوْ صَامَ مَا عَيَّنَهُ. (٨١٨٠) فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ غَيْرَ الصِّيَامِ، فَعَجَزَ عَنْهُ، كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْ لِذَلِكَ بَدَلًا يُصَارُ إلَيْهِ، فَوَجَبْت الْكَفَّارَةُ؛ لِمُخَالَفَتِهِ نَذْرَهُ فَقَطْ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ لِعَارِضٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصِّيَامِ سَوَاءً، فِيمَا فَصَّلْنَاهُ.

[مَسْأَلَة نَذَرَ صِيَامًا وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَلَمْ يَنْوِهِ]

(٨١٨١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا نَذَرَ صِيَامًا، وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا، وَلَمْ يَنْوِهِ، فَأَقَلُّ ذَلِكَ صِيَامُ يَوْمٍ، وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ) أَمَّا إذَا نَذَرَ صِيَامًا مُطْلَقًا، فَأَقَلُّ ذَلِكَ يَقُومُ صِيَامُ يَوْمٍ، لَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرْعِ صَوْمٌ مُفْرَدٌ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ، فَيَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يُجْزِئُهُ رَكْعَةٌ. نَقْلَهَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ فَإِنَّ الْوِتْرَ صَلَاةٌ مَشْرُوعَةٌ، وَهِيَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ تَطَوَّعَ بِرَكْعَةِ وَاحِدَةٍ. وَالثَّانِيَةُ، لَا يُجْزِئُهُ إلَّا رَكْعَتَانِ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ صَلَاةٍ وَجَبَتْ بِالشَّرْعِ رَكْعَتَانِ، فَوَجَبَ حَمْلُ النَّذْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْوِتْرُ، فَهُوَ نَفْلٌ، وَالنَّذْرُ فَرْضٌ، فَحَمْلُهُ عَلَى الْمَفْرُوضِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُجْزِئُ فِي الْفَرْضِ، فَلَا تُجْزِئُ فِي النَّفْلِ كَالسَّجْدَةِ.

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالرِّوَايَتَيْنِ. فَأَمَّا إنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ عَدَدًا، لَزِمَهُ، قَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>