عِدَّتُهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا؛ لِأَنَّنَا لَا نَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الثَّانِيَةَ، فَيَكُونَ قَدْ أَصَابَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَلِهَذَا اعْتَبَرْنَا انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَاحِقٌ بِهِ، وَلَا يُصَانُ ذَلِكَ عَنْ مَائِهِ.
وَإِنْ أَحَبَّ نِكَاحَ الْأُخْرَى، فَارَقَ الْمُصَابَةَ بِطَلْقَةٍ، ثُمَّ انْتَظَرَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا. الْقِسْمُ الثَّالِثُ، إذَا دَخَلَ بِهِمَا، فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُفَارِقَ الْأُخْرَى، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ حِينِ فُرْقَتِهَا، وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الْأُخْرَى مِنْ حِينِ أَصَابَهَا. وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ إحْدَاهُمَا، أَوْ هُمَا جَمِيعًا، فَالنَّسَبُ لَاحِقٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَكِلَاهُمَا يَلْحَقُ النَّسَبُ فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَارَقَهُمَا بِطَلْقَةٍ طَلْقَةٍ.
(٥٣٦٦) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمَهْرُ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَلِإِحْدَاهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَا نَعْلَمُ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُمَا، فَيَصْطَلِحَانِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَكَانَ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا مَعَ يَمِينِهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتِيَارِيّ أَنْ يَسْقُطَ الْمَهْرُ إذَا كَانَ مُجْبَرًا عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ وَقَعَتْ لِغَيْرِ الْمُصَابَةِ، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلِلْمُصَابَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمُصَابَةِ، فَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، وَلِلْمُصَابَةِ الْمُسَمَّى جَمِيعُهُ. وَإِنْ أَصَابَهُمَا مَعًا، فَلِإِحْدَاهُمَا الْمُسَمَّى، وَلِلْأُخْرَى مَهْرُ الْمِثْلِ، يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ.
إنْ قُلْنَا: إنَّ الْوَاجِبَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْمُسَمَّى فِيهِ، وَجَبَ هَاهُنَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
[فَصْلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَدَخَلَ بِهَا]
(٥٣٦٧) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا، وَدَخَلَ بِهَا، اعْتَزَلَ زَوْجَتَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الثَّانِيَةِ. إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْعَقْدَ عَلَى أُخْتِهَا فِي الْحَالِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ، كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْوَطْءُ لِامْرَأَتِهِ، حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا الَّتِي أَصَابَهَا.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَأَجْنَبِيَّةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ]
(٥٣٦٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَأَجْنَبِيَّةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، ثَبَتَ نِكَاحُ الْأَجْنَبِيَّةِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أُخْتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ مَعًا، بِأَنْ يَكُونَ لَرَجُلٍ أُخْتٌ وَابْنَةُ عَمٍّ، إحْدَاهُمَا رَضِيعَةُ الْمُتَزَوِّجِ، فَيَقُولَ لَهُ: زَوَّجَتْكهَا مَعًا. فَيَقْبَلَ ذَلِكَ. فَالْمَنْصُوصُ هُنَا صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّةِ. وَنَصَّ فِي مَنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَأَمَةً، عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ، وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ.
وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَفْسُدُ فِيهِمَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّهَا لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ، جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْن أُخْتَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ، يَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ. وَهِيَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ قَابِلٌ لِلنِّكَاحِ، أُضِيفَ إلَيْهَا عَقْدٌ صَادِرٌ مِنْ أَهْلِهِ، لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهَا فِيهِ مِثْلُهَا، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ بِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute