عَارِيَّةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِمَا قَدَّمْنَا، فَإِذَا حَلَفَ، اسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ نَحْوُ مَا ذَكَرْنَا.
[فَصْل قَالَ مَالِك الدَّابَّة غَصَبْتهَا وَقَالَ الرَّاكِبُ بَلْ أَعَرْتنِيهَا]
(٣٩٣١) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ الْمَالِكُ: غَصَبْتهَا. وَقَالَ الرَّاكِبُ: بَلْ أَعَرْتنِيهَا. فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ عَقِيبَ الْعَقْدِ، وَالدَّابَّةُ قَائِمَةٌ لَمْ يَتْلَفْ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَا مَعْنَى لِلِاخْتِلَافِ، وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ بَهِيمَتَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَالِفَةً؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، كَوُجُوبِهَا عَلَى الْغَاصِبِ. وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، فَالِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَنَقَلَ الْمُزَنِيّ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِوَضًا، الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْيَدِ أَنَّهَا بِحَقٍّ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِهَا.
وَلَنَا، مَا قَدَّمْنَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، بَلْ هَذَا أَوْلَى، لِأَنَّهُمَا ثَمَّ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ مِلْكٌ لِلرَّاكِبِ، وَهَا هُنَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَالِكَ يُنْكِرُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِيهَا إلَى الرَّاكِبِ، وَالرَّاكِبُ يَدَّعِيهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْتِقَالِ، فَيَحْلِفُ، وَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ. وَإِنْ قَالَ الْمَالِكُ: غَصَبْتهَا. وَقَالَ الرَّاكِبُ: أَجَرْتنِيهَا. فَالِاخْتِلَافُ هَاهُنَا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْمُسَمَّى وَأَجْرُ الْمِثْلِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَالِفَةً عَقِيبَ أَخْذِهَا، حَلَفَ وَأَخَذَ قِيمَتَهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَقِيَتْ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، وَالْمُسَمَّى بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ، أَخَذَهُ الْمَالِكُ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى. وَفِي الْيَمِينِ وَجْهَانِ.
وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى، لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِيَمِينٍ، وَجْهًا وَاحِدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute