للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْطُهُ، فَلَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِيهَا، وَالْيَدُ لَيْسَتْ الْمُبَاشِرَةَ لِلْمَحَلِّ وَلَا شَرْطًا فِيهِ، إنَّمَا يَتَنَاوَلُ بِهَا الْحَجَرَ الْمُلَاقِي لِلْمَحَلِّ، فَصَارَ النَّهْيُ عَنْهَا نَهْيَ تَأْدِيبٍ، لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.

[فَصْل يَبْدَأُ الرَّجُلُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْقُبُلِ]

(٢١٢) فَصْلٌ: وَيَبْدَأُ الرَّجُلُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْقُبُلِ؛ لِئَلَّا تَتَلَوَّثَ يَدُهُ إذَا شَرَعَ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ قُبُلَهُ بَارِزٌ تُصِيبُهُ الْيَدُ إذَا مَدَّهَا إلَى الدُّبُرِ، وَالْمَرْأَةُ مُخَيَّرَةٌ فِي الْبِدَايَةِ بِأَيِّهِمَا شَاءَتْ، لِعَدَمِ ذَلِكَ فِيهَا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ الْبَوْلِ قَلِيلًا، وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَصْلِ الذَّكَرِ مِنْ تَحْتِ الْأُنْثَيَيْنِ، ثُمَّ يَسْلِتَهُ إلَى رَأْسِهِ فَيَنْتُرُ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا بِرِفْقٍ. قَالَ أَحْمَدُ إذَا تَوَضَّأْت فَضَعْ يَدَك فِي سِفْلَتِك، ثُمَّ اسْلِتْ مَا ثَمَّ حَتَّى يَنْزِلَ، وَلَا تَجْعَلْ ذَلِكَ مِنْ هَمِّك، وَلَا تَلْتَفِت إلَى ظَنِّك.

وَقَدْ رَوَى يَزْدَادُ الْيَمَانِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَإِذَا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ ثُمَّ فَرَغَ، اُسْتُحِبَّ لَهُ دَلْكُ يَدِهِ بِالْأَرْضِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ «مَيْمُونَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ اسْتَنْجَى مِنْ تَوْرٍ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ.» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَإِنْ اسْتَنْجَى عَقِيبَ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ، جَازَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ انْقِطَاعُهُ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمَاءَ يَقْطَعُ الْبَوْلَ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الِاسْتِنْجَاءُ انْتِقَاصَ الْمَاءِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْضَحَ عَلَى فَرْجِهِ وَسَرَاوِيلِهِ؛ لِيُزِيلَ الْوَسْوَاسَ عَنْهُ.

قَالَ حَنْبَلُ: سَأَلْت أَحْمَدَ قُلْت: أَتَوَضَّأُ وَأَسْتَبْرِئُ، وَأَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَحْدَثْت بَعْدُ، قَالَ: إذَا تَوَضَّأْت فَاسْتَبْرِئْ، وَخُذْ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَرُشَّهُ عَلَى فَرْجِك، وَلَا تَلْتَفِت إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إذَا تَوَضَّأْت فَانْتَضِحْ» . وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

[مَسْأَلَة الِاسْتِنْجَاء بِالْخَشَبِ وَالْخِرَقُ وَكُلُّ مَا أَنْقَيْ بِهِ]

(٢١٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالْخَشَبُ وَالْخِرَقُ وَكُلُّ مَا أُنْقِي بِهِ فَهُوَ كَالْأَحْجَارِ هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، لَا يُجْزِئُ إلَّا الْأَحْجَارُ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُد لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْأَحْجَارِ، وَأَمْرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ رُخْصَةٍ وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهَا بِآلَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا، كَالتُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ. وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ خُزَيْمَةَ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِاسْتِطَابَةِ، فَقَالَ: بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ.» فَلَوْلَا أَنَّهُ أَرَادَ الْحَجَرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهَا الرَّجِيعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الرَّجِيعِ بِالذِّكْرِ مَعْنًى.

وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>