للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجْعَلَ السَّبْعَةَ الْأَشْيَاءِ مُعَادِلَةً لَهَا وَلِقِيمَتِهَا، فَيُعْتَقَ مِنْهَا بِقَدْرِ سُبْعَيْ الْجَمِيعِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهَا، وَتَسْتَحِقُّ سُبُعَ الْجَمِيعِ بِمَهْرِهَا، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ مَهْرِهَا. وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ مَعَهَا مِثْلَيْ قِيمَتِهَا، عَتَقَتْ كُلُّهَا، وَصَحَّ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَسْقَطَتْ مَهْرَهَا، وَإِنْ أَبَتْ أَنْ تُسْقِطَهُ، لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهَا، وَبَطَلَ نِكَاحُهَا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِعِتْقِهَا وَنِكَاحِهَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ إيجَابَهُ يُفْضِي إلَى إسْقَاطِهِ وَإِسْقَاطِ عِتْقِهَا وَنِكَاحِهَا، فَإِسْقَاطُهُ وَحْدَهُ أَوْلَى. وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا، عَمِلْنَا فِيهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَيُعْتَقُ سِتَّةُ أَسْبَاعِهَا، وَلَهَا سِتَّةُ أَسْبَاعِ مَهْرِهَا، وَيَبْطُلُ عِتْقُ سُبُعِهَا وَنِكَاحُهَا. وَلَوْ أَعْتَقَهَا، وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا، وَوَطِئَهَا، كَانَ الْعَمَلُ فِيهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ الْأَخِيرَةِ، مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ عِتْقِهَا وَنِكَاحِهَا، مَعَ وُجُوبِ مَهْرِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي مَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ أَمَةً قِيمَتُهَا مِائَةٌ، وَأَصْدَقَهَا مِائَتَيْنِ، لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمَا، وَهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا: يَصِحُّ الْعِتْقُ وَالصَّدَاقُ وَالنِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْمِائَتَيْنِ صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَتَزْوِيجُ الْمَرِيضِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ صَحِيحٌ نَافِذٌ. وَهَذَا غَيْرُ جَيِّدٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى نُفُوذِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا. وَلَوْ أَنَّهُ أَتْلَفَ الْمِائَتَيْنِ، أَوْ أَصْدَقَهُمَا لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَمَاتَ، وَلَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا، لَبَطَلَ عِتْقُ ثُلُثَيْ الْأَمَةِ، فَإِذَا أَخَذَتْهُمَا هِيَ، كَانَ أَوْلَى فِي بُطْلَانِهِ. وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا تَرَكَ مِثْلَيْ قِيمَتِهَا، وَكَانَ مَهْرُهَا نِصْفَ قِيمَتِهَا: تُعْطَى مَهْرَهَا وَثُلُثَ الْبَاقِي، بِحَسَبِ ذَلِكَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَهُوَ نِصْفُهَا وَثُلُثُهَا، فَيُعْتَقُ ذَلِكَ، وَتَسْعَى فِي سُدُسِهَا الْبَاقِي، وَيَبْطُلُ نِكَاحُهَا. فَأَمَّا إنْ خَلَفَ أَرْبَعَةَ أَمْثَالِ قِيمَتِهَا، صَحَّ عِتْقُهَا وَنِكَاحُهَا وَصَدَاقُهَا، فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَتَرِثُ مِنْ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَرِثُ. وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَرِثَتْ لَكَانَ عِتْقُهَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، وَاعْتِبَارُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ.

[فَصْل مَرِيضَة أَعْتَقَتْ عَبْدًا قِيمَته عَشْرَةٌ وَتَزَوَّجَهَا بِعَشْرَةِ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ مَاتَتْ وَخَلَفَتْ مِائَةً]

(٤٦١٣) فَصْلٌ: وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَرِيضَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، وَتَزَوَّجَهَا بِعَشْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ، وَخَلَفَتْ مِائَةً. اقْتَضَى قَوْلُ أَصْحَابِنَا أَنْ تُضَمَّ الْعَشَرَةُ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْمِائَةِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ هُوَ التَّرِكَةُ، وَيَرِثَ نِصْفَ ذَلِكَ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: تُحْسَبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَيْضًا، وَتُضَمُّ إلَى التَّرِكَةِ، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ سِتُّونَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَرِثُ شَيْئًا، وَعَلَيْهِ أَدَاءُ الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ إعْتَاقُهُ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ. وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْل تَزَوَّجَ الْمَرِيضُ امْرَأَةً صَدَاقُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ فَأَصْدَقَهَا عَشْرَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا ثُمَّ مَاتَ وَوَرِثَتْهُ]

(٤٦١٤) فَصْلٌ: وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَرِيضُ امْرَأَةً صَدَاقُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ، فَأَصْدَقَهَا عَشْرَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا، ثُمَّ مَاتَ، وَوَرِثَتْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>