لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ؛ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ وَأَمْلَاكِهِ، كَاَلَّذِي كَسَبَهُ بَعْد جُرْحِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ وَرَثَتِهِ، فَوَرَثَتُهُ هُمْ الْمُسْلِمُونَ دُونَ الْكُفَّارِ.
[فَصْلٌ قَطَعَ أَنْفَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ فَانْدَمَلَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ]
(٦٦٦٦) فَصْلٌ: وَإِذَا قَطَعَ أَنْفَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ، فَانْدَمَلَ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ. وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِكَمَالِهَا لِلسَّيِّدِ. وَإِنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ انْدَمَلَ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَقَرَّ بِالِانْدِمَالِ مَا وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ، وَالْجِنَايَةُ كَانَتْ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ. وَإِنْ مَاتَ مِنْ سِرَايَة الْجُرْحِ، فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي. وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيّ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ يُرَاعَى فِيهَا حَالُ وُجُودِهَا. وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فِي مَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ، ثُمَّ أُعْتِقَ وَمَاتَ، فَفِيهِ قِيمَتُهُ لَا الدِّيَةُ.
وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ دِيَةُ حُرٍّ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْجِنَايَةِ بِحَالَةِ الِاسْتِقْرَارِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. وَتُصْرَفُ إلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ دِيَتِهِ أَوْ أَرْشِ الْجُرْحِ، وَالدِّيَةُ هَاهُنَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ. وَمَا ذَكَرُوهُ يَنْتَقِضُ بِمَا إذَا قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَمَاتَ بِسِرَايَةِ الْجُرْحِ؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ دِيَةُ النَّفْسِ، لَا دِيَةَ الْجُرْحِ.
[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَأُعْتِقَ ثُمَّ عَادَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ وَانْدَمَلَ الْقِطْعَانِ]
(٦٦٦٧) فَصْلٌ: وَإِنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ، فَأُعْتِقَ، ثُمَّ عَادَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، وَانْدَمَلَ الْقَطْعَانِ، فَلَا قِصَاصَ فِي الْيَدِ؛ لِأَنَّهَا قُطِعَتْ فِي حَالِ رِقِّهِ، وَيَجِبُ فِيهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ، أَوْ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ لِسَيِّدِهِ، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الرِّجْلِ الَّتِي قَطَعَهَا حَالَ حُرِّيَّتِهِ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ إنْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ انْدَمَلَ قَطْعُ الْيَدِ، وَسَرَى قَطْعُ الرِّجْلِ إلَى نَفْسِهِ، فَفِي الْيَدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِسَيِّدِهِ، وَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ انْدَمَلَ قَطْعُ الرِّجْلِ، وَسَرَى قَطْعُ الْيَدِ، فَفِي الرِّجْلِ الْقِصَاصُ بِقَطْعِهَا، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ، وَلَا قِصَاصَ فِي الْيَدِ، وَلَا فِي سِرَايَتهَا، وَعَلَى الْجَانِي دِيَةُ حُرٍّ، لِسَيِّدِهِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ الْقَطْعِ أَوْ دِيَةُ الْحُرِّ، عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي، تَجِبُ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ جِنَايَتِهِ.
وَإِنْ سَرَى الْجُرْحَانِ، لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَلَا الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ جُرْحَيْنِ مُوجِبٍ وَغَيْرِ مُوجِبٍ، فَلَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، كَمَا لَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً، وَلَكِنْ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الرِّجْلِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَهَا مِنْ حُرٍّ، فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ، وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِنَايَتِهِ، وَقَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا يُقَابِلُ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَلِلسَّيِّدِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَإِنْ زَادَ نِصْفُ الدِّيَةِ. عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، كَانَ الزَّائِدُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ عَفَا وَرَثَتُهُ عَنْ الْقِصَاصِ، فَلَهُمْ أَيْضًا نِصْفُ الدِّيَةِ. وَإِنْ كَانَ قَاطِعُ الرِّجْلِ غَيْرَ قَاطِعِ الْيَدِ، وَانْدَمَلَ الْجُرْحَانِ، فَعَلَى قَاطِعِ الْيَدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِسَيِّدِهِ، وَعَلَى قَاطِعِ الرِّجْلِ الْقِصَاصُ فِيهَا أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ.
وَإِنْ سَرَى الْجُرْحَانِ إلَى نَفْسِهِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute