أَمَةٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ، أَوْ حُرَّةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا بِمَالِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهِ، فَهُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ سَيِّده، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُكَاتَبَةٍ لِسَيِّدِهِ، احْتَمَلَ الْجَوَازَ لِأَنَّهُ فِي الْحَالِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ، وَأُمُّهُ مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا، إذْ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْجِزَ هُوَ، وَتُؤَدِّي الْمُكَاتَبَةُ، فَيَعْتِقُ وَلَدُهَا، فَيَحْصُلُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَيَصِيرُ حُرًّا.
[مَسْأَلَةٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ]
(٦٥١٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَعَلَى الْمُكَاتَبِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ) أَمَّا وَلَدُ الْمُكَاتَبِ مِنْ أَمَتِهِ، فَنَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَلَدَهُ مِنْ أَمَتِهِ تَابِعٌ لَهُ، يَرِقُّ بِرِقِّهِ، وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ، فَجَرَى مَجْرَى نَفْسِهِ فِي النَّفَقَةِ، فَكَمَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ الَّذِي هَذَا حَالُهُ، وَلِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ سِوَى أَبِيهِ، فَإِنَّ أُمَّهُ أَمَةٌ لِلْمُكَاتَبِ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْأَحْرَارِ أَقَارِبٌ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ، كَأُمِّهِ، وَلِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِي إنْفَاقِ الْمُكَاتَبِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَدَّى وَعَتَقَ، فَقَدْ وَفَّى مَالَ الْكِتَابَةِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْهَا، وَإِنْ عَجَزَ وَرَقَّ، عَادَ إلَيْهِ الْمُكَاتَبُ وَوَلَدُهُ الَّذِي أَنْفَقَ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى عَبْدِهِ، وَتَصِيرُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَنَفَقَتِهِ عَلَى سَائِرِ رَقِيقِهِ.
[فَصْلٌ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَسَرَّى بِأَمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّده]
(٦٥١٨) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَسَرَّى بِأَمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ، وَعَلَى السَّيِّدِ ضَرَرٌ فِي تَسَرِّيهِ بِهَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ بِهَا. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي ذَلِكَ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعِ لِحَقِّهِ، فَجَازَ بِإِذْنِهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْقِنِّ. وَإِنْ وَطِئَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ، فَإِنْ أَوْلَدَهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا، وَلَا يَبِعْ وَلَدَهُ، فَإِنْ عَتَقَ، عَتَقَ وَلَدُهَا، وَصَارَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، وَإِنْ رَقَّ، رَقَّتْ هِيَ وَوَلَدُهَا، وَصَارَتْ أَمَةً لَسَيِّدِهِ، وَالْمُكَاتَبُ وَوَلَدُهُ عَبْدَانِ لَهُ. وَيَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَى عَبِيدِهِ، وَإِمَائِهِ، وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّهُمْ مِلْكٌ لَهُ، فَلَزِمَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ، كَبَهَائِمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute