للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيِّنَةٌ، وَكَانَتْ لِلْمُنْكِرِ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْحَلِفِ مَعَهَا؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا بِتَقْدِيمِهَا مَعَ التَّعَارُضِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَهَا، فَمَعَ انْفِرَادِهَا أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكْتَفِي بِهَا عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ، فَإِذَا اُكْتُفِيَ بِالْيَمِينِ، فِيمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا أَوْلَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُشْرَعَ الْيَمِينُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هَاهُنَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَنَدُهَا الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ، فَلَا تُفِيدُ إلَّا مَا أَفَادَتْهُ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ، وَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْ الْيَمِينِ، فَكَذَلِكَ مَا قَامَ مَقَامَهُ.

[فَصْل ادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّ الدَّابَّةَ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ أُودَعْهَا لِلدَّاخِلِ]

(٨٥٠٣) فَصْلٌ: وَإِنْ ادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّ الدَّابَّةَ مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ أَوْدَعَهَا لِلدَّاخِلِ، أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهَا، أَوْ آجَرَهَا مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ؛ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ مُقَدَّمَةٌ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي: بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ مُقَدَّمَةٌ، لِأَنَّهُ هُوَ الْخَارِجُ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ صَاحِبُ الْيَدِ، وَأَنْ يَدَ الدَّاخِلِ نَائِبَةٌ عَنْهُ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» وَلِأَنَّ الْيَمِينَ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي، كَمَا لَوْ لَمْ يَدَّعِ الْإِيدَاعَ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ دَعْوَاهُ الْإِيدَاعَ زِيَادَةٌ فِي حُجَّتِهِ، وَشَهَادَةَ الْبَيِّنَةُ بِهَا تُقَوِّيهِ لَهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُبْطِلَةً لِبَيِّنَتِهِ.

وَإِنْ ادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّ الدَّاخِلَ غَصَبَهُ إيَّاهَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، فَهِيَ لِلْخَارِجِ، وَيَقْتَضِي قَوْلُ الْقَاضِي أَنَّهَا لِلدَّاخِلِ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْل فِي يَدِ رَجُلٍ جِلْدُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا وَبَاقِيهَا فِي يَدِ آخَرَ فَادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا]

(٨٥٠٤) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ جِلْدُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ، وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا وَبَاقِيهَا فِي يَدِ آخَرَ، فَادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّهَا، وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، وَقُلْنَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ. فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ.

[فَصْل فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا]

(٨٥٠٥) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَكَانَتْ الشَّاةُ الَّتِي فِي يَدِهِ لَهُ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشَّاةُ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ: هَذِهِ الشَّاةُ الَّتِي فِي يَدِك لِي، مِنْ نِتَاجِ شَاتِي هَذِهِ. فَالتَّعَارُضُ فِي النِّتَاجِ، لَا فِي الْمِلْكِ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُثْبِتُ الْأُخْرَى وَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّاتَيْنِ لِي دُونَ صَاحِبِي، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، تَعَارَضَتَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>