للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا. وَيَسْتَوِي الْعَمُّ مِنْ الْأَبِ وَالْعَمُّ مِنْ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ أَبْنَاؤُهُمَا، ثُمَّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا أَنَّهُ يَرَى دُخُولَ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَهَذَا الْقَوْلُ إنَّمَا يُخَرَّجُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ، الَّتِي تَجْعَلُ الْقَرَابَةَ فِيهَا كُلَّ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِمْ اسْمُ الْقَرَابَةِ، فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْخِرَقِيِّ، وَأَنَّ الْقَرَابَةَ اسْمٌ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْآبَاءِ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ بَنُو الْأُمِّ، وَلَا أَقَارِبُهَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقَرَابَةِ، لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ الْقَرَابَةِ، فَعَلَى هَذَا تَتَنَاوَلُ الْوَصِيَّةُ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُوصِي، وَأَوْلَادِ آبَائِهِ، إلَى أَرْبَعَةِ آبَاءٍ، وَلَا يَعْدُوهُمْ ذَلِكَ. وَإِنْ وَصَّى لِجَمَاعَةِ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ، أُعْطِيَ لِثَلَاثَةِ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ. وَإِنْ وُجِدَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، كَالْإِخْوَةِ، فَالْوَصِيَّةُ لِجَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَالِاسْمُ يَشْمَلُهُمْ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ثَلَاثَةٌ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، كُمِّلَتْ مِنْ الثَّانِيَةِ. وَإِنْ كَانَتْ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ جَمَاعَةٌ، سُوِّيَ بَيْنَهُمْ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى. وَإِنْ لَمْ يُكَمِّلْ مِنْ الثَّانِيَةِ، فَمِنْ الثَّالِثَةِ، فَإِذَا وُجِدَ ابْنٌ وَأَخٌ وَعَمٌّ، فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ ابْنٌ وَأَخَوَانِ، وَإِنْ كَانَ ابْنٌ وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ، دَخَلَ جَمِيعُهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلِابْنِ ثُلُثُ الْوَصِيَّةِ وَلَهُمْ ثُلُثَاهَا. فَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَارِثًا، سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ إنْ لَمْ يُجَزْ لَهُ، وَالْبَاقِي لِلْإِخْوَةِ. وَإِنْ وَصَّى لِعُصْبَتِهِ، فَهُوَ لِمَنْ يَرِثُهُ بِالتَّعْصِيبِ فِي الْجُمْلَةِ، سَوَاءٌ كَانُوا مِمَّنْ يَرِثُ فِي الْحَالِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَيُسَوَّى بَيْنَ قَرِيبِهِمْ وَبَعِيدِهِمْ؛ لِشُمُولِ اللَّفْظِ لَهُمْ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ بِحَالٍ.

[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَهْلِ بَيْتِهِ]

(٤٧٥٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ قَالَ: لِأَهْلِ بَيْتِي. أُعْطِيَ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ) يَعْنِي تُعْطَى أُمُّهُ وَأَقَارِبُهَا، الْأَخْوَالُ، وَالْخَالَاتُ، وَآبَاءُ أُمِّهِ، وَأَوْلَادُهُمْ، وَكُلُّ مَنْ يُعْرَفُ بِقَرَابَتِهِ. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، فِيمَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ، التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذَا اللَّفْظِ وَلَفْظِ الْقَرَابَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ، فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَهْلِ بَيْتِهِ، هُوَ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ لِقَرَابَتِي. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَحْمَدَ: وَقَالَ أَحْمَدُ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِي وَلَا لِأَهْلِ بَيْتِي» . فَجَعَلَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى لَهُمْ عِوَضًا عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ ذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى هُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ. وَذَكَرَ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» . قَالَ قُلْنَا: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ، نِسَاؤُهُ؟ قَالَ: لَا، أَصْلُهُ وَعَشِيرَتُهُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ؛ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ الْعَبَّاسِ. وَقَالَ الْقَاضِي: قَالَ ثَعْلَبٌ: أَهْلُ الْبَيْتِ عِنْدَ الْعَرَبِ آبَاءُ الرَّجُلِ وَأَوْلَادُهُمْ، كَالْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَوْلَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>