للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْعَدَمَتْ هَذِهِ الْقَرَائِنُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْعِتْقَ، وَقَدْ حَصَلَ، فَكَانَ الْفَاضِلُ عَائِدًا إلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي حَيَاتِهِ.

[فَصْل وَصَّى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدٌ بِأَلْفِ فَيُعْتَقَ عَنْهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ]

(٤٧٤٥) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدٌ بِأَلْفٍ، فَيُعْتَقُ عَنْهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ، اُشْتُرِيَ عَبْدٌ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُورِ الشِّرَاءُ بِدُونِهِ، كَالْوَكِيلِ. وَلَنَا، أَنَّهَا وَصِيَّةٌ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا إذَا احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ، فَإِذَا لَمْ يَحْتَمِلْهَا وَجَبَ تَنْفِيذُهَا فِيمَا حَمَلَهُ، كَمَا لَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ، وَفَارَقَ الْوَكَالَةَ، فَإِنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إعْتَاقِ عَبْدٍ لَمْ يَمْلِكْ إعْتَاقَ بَعْضِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ، لَأَعْتَقَ مِنْهُ مَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ. فَأَمَّا إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، فَاشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ، فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَيُرَدُّ الْعَبْدُ إلَى الرِّقِّ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ الْمَالِ؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّ الشِّرَاءَ بَاطِلٌ بِكَوْنِهِ اشْتَرَى بِمَالٍ مُسْتَحَقٍّ لِلْغُرَمَاءِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي غَرَامَةُ ثَمَنِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مَا غَرَّهُ، إنَّمَا غَرَّهُ الْمُوصِي، وَلَا تَرِكَةَ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشَارِكَ الْغُرَمَاءَ فِي التَّرِكَةِ، وَيَضْرِبَ مَعَهُمْ بِقَدْرِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَزِمَهُ بِتَغْرِيرِ الْمُوصِي، فَيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ مَيِّتًا لَزِمَهُ فِي تَرِكَتِهِ، كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ.

[فَصْلٌ وَصَّى بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَأَطْلَقَ أَوْ وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَأَطْلَقَ]

(٤٧٤٦) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَأَطْلَقَ، أَوْ وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَأَطْلَقَ، فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُسْتَحِقٍّ، وَلَا مُسْتَحِقَّ، هَاهُنَا. وَإِنْ وَصَّى بِبَيْعِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، وَبِيعَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ هَاهُنَا نَفْعًا لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ يَشْتَرِيهِ كَذَلِكَ، بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِتَعَذُّرِهَا، كَمَا لَوْ وَصَّى بِشِرَاءِ عَبْدٍ لِيُعْتَقْ، فَلَمْ يَبِعْهُ سَيِّدُهُ. وَإِنْ وَصَّى بِبَيْعِهِ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، بِيعَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَصَدَ إرْفَاقَهُ بِذَلِكَ فِي الْغَالِبِ. وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا، بِيعَ بِقِيمَتِهِ، وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِكَوْنِهِ قَصَدَ إيصَالَ الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِإِرْفَاقِ الْعَبْدِ بِإِيصَالِهِ إلَى مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِحُسْنِ الْمَلَكَةِ، وَإِعْتَاقِ الرِّقَابِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ إرْفَاقَ الْمُشْتَرِي لِمَعْنًى يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ أَبَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِالثَّمَنِ، أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ، بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.

[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ]

(٤٧٤٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَمَلَكَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ مِائَتَا دِرْهَمٍ، فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ، فَلِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ وَرُبْعُ الْعَبْدِ، وَلِمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِالْعَبْدِ ثَلَاثَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>