الْقِيمَة مِنْ الْوَكِيلِ، رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِهَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ فِي يَدِهِ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ. وَإِنْ كَذَّبَاهُ، وَادَّعَيَا أَنَّهُ أَذِنَ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً، فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: يَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ، وَيَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً، رَجَعَ بِقِيمَتِهَا عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الْمَبِيعَ، وَإِنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ، وَإِنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِالثَّمَنِ بَعْدَ الْأَجَلِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ، رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ، فَمَا غَرِمَ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَلَا يَرْجِعُ بِأَكْثَرَ مِمَّا غَرِمَ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ، فَالْوَكِيلُ مُعْتَرِفٌ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَأَنَّ الْمُوَكِّلَ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الزَّائِدِ عَلَى الثَّمَنِ، فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا ظَلَمَهُ بِهِ الْمُوَكِّلُ.
وَإِنْ كَذَّبَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُصَدِّقِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَيَحْلِفُ عَلَى الْمُكَذِّبِ، وَيَرْجِعُ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا. هَذَا إنْ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْوَكِيلَ وَكِيلٌ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّمَا بِعْتنِي مِلْكَك، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَوْنَهُ وَكِيلًا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءِ.
[فَصْلٌ قَبَضَ الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ]
(٣٧٦٠) فَصْلٌ: وَإِذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ طَلَبِهِ وَلَا يَضْمَنُهُ بِتَأْخِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ. فَإِنْ طَلَبَهُ فَأَخَّرَ رَدَّهُ مَعَ إمْكَانِهِ، فَتَلِفَ، ضَمِنَهُ.
وَإِنْ وَعَدَهُ بِرَدِّهِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّنِي كُنْت رَدَدْته قَبْلَ طَلَبِهِ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ تَلِفَ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ بِوَعْدِهِ بِرَدِّهِ. فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ، بَرِئَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ. فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، فَهَلْ يُقْبَلُ، عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ بَرِئَ، فَكَذَلِكَ إذَا قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إحْدَى الْحُجَّتَيْنِ، فَبَرِئَ بِهَا كَالْإِقْرَارِ. وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَهُ بِوَعْدِهِ بِالدَّفْعِ. أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ، فَقَدْ أَقَرَّ بِبَرَاءَتِهِ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مُنَازِعٌ.
وَإِنْ لَمْ يَعِدْهُ بِرَدِّهِ، لَكِنْ مَنَعَهُ أَوْ مَطَلَهُ بِرَدِّهِ مَعَ إمْكَانِهِ، ثُمَّ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِالْمَنْعِ، خَارِجٌ عَنْ حَالِ الْأَمَانَةِ. وَإِنْ أَقَامَ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ بَيِّنَةً، سُمِعَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهَا.
[فَصْلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولًا يَقْبِضُهَا فَبَعَثَ إلَيْهِ مَعَ الرَّسُولِ دِينَارًا فَضَاعَ مَعَ الرَّسُول]
(٣٧٦١) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ، فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولًا يَقْبِضُهَا، فَبَعَثَ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute