[فَصْلٌ يُبَاحُ مِنْ الطُّيُور مَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُحَرَّمَاتِ]
(٧٧٩٩) فَصْلٌ: وَيُبَاحُ مِنْ الطُّيُورِ مَا لَمْ نَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، مِنْ ذَلِكَ الدَّجَاجُ. قَالَ أَبُو مُوسَى: «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ الدَّجَاجَ. وَالْحُبَارَى؛ لِمَا رَوَى سَفِينَةُ، قَالَ: أَكَلْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْمَ حُبَارَى.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَيُبَاحُ الزَّاغُ.
وَبِذَلِكَ قَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَيُبَاحُ غُرَابُ الزَّرْعِ، وَهُوَ الْأَسْوَدُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَأْكُلُ الزَّرْعَ، وَيَطِيرُ مَعَ الزَّاغِ؛ لِأَنَّ مَرْعَاهُمَا الزَّرْعُ وَالْحُبُوبُ، فَأَشْبَهَا الْحَجَلَ. وَتُبَاحُ الْعَصَافِيرُ كُلُّهَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ إنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، إلَّا سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهَا. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: يَذْبَحُهَا فَيَأْكُلُهَا، وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا وَيَرْمِي بِهَا» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَيُبَاحُ الْحَمَامُ كُلُّهُ، عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، مِنْ الجوازل وَالْفَوَاخِتِ، والرقاطي وَالْقَطَا وَالْحَجَلِ، وَغَيْرِهَا، وَتُبَاحُ الْكَرَاكِيُّ، وَالْإِوَزُّ، وَطَيْرُ الْمَاءِ كُلُّهُ، وَالْغَرَانِيقُ، وَالطَّوَاوِيسُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
وَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ فَعَنْهُ أَنَّهُمَا حَلَالٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ ذَوَاتِ الْمِخْلَبِ، وَلَا يُسْتَخْبَثَانِ. وَعَنْهُ تَحْرِيمُهُمَا «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ، وَالنَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ. وَكُلُّ مَا كَانَ لَا يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ، وَلَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَلَا يُسْتَخْبَثُ، فَهُوَ حَلَالٌ.»
[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا]
(٧٨٠٠) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهْ لُحُومَ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانَهَا. قَالَ الْقَاضِي، فِي " الْمُجَرَّدِ ": هِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْقَذَرَ، فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ، حُرُمَ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا. وَفِي بَيْضِهَا رِوَايَتَانِ. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا الطَّاهِرَ، لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا وَلَا لَبَنُهَا.
وَتَحْدِيدُ الْجَلَّالَةِ بِكَوْنِ أَكْثَرِ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ، لَمْ نَسْمَعْهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، لَكِنَّ يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ بِمَا يَكُونُ كَثِيرًا فِي مَأْكُولِهَا، وَيُعْفَى عَنْ الْيَسِيرِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إنَّمَا كَانُوا يَكْرَهُونَ الْجَلَّالَةَ الَّتِي لَا طَعَامَ لَهَا إلَّا الرَّجِيعُ وَمَا أَشْبَهَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: فِي الْجَلَّالَةِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ. وَالثَّانِيَةُ، أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute