أَبِي حَنِيفَةَ؛ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْعَنْبَرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: الِابْنُ أَوْلَى. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْهُ بِالْمِيرَاثِ، وَأَقْوَى تَعْصِيبًا، وَلِهَذَا يَرِثُ بِوَلَاءِ أَبِيهِ دُونَ جَدِّهِ
وَلَنَا، أَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِأَبِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: ٩٠] . وَقَالَ زَكَرِيَّا: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: ٣٨] . وَقَالَ: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: ٥] وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: ٣٩] . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» . وَإِثْبَاتُ وِلَايَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، وَلِأَنَّ الْأَبَ أَكْمَلُ نَظَرًا، وَأَشَدُّ شَفَقَةً، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ فِي الْوِلَايَةِ، كَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْجَدِّ، وَلِأَنَّ الْأَبَ يَلِي وَلَدَهُ فِي صِغَرِهِ وَسَفَهِهِ وَجُنُونِهِ، فَيَلِيهِ فِي سَائِرِ مَا ثَبَتَتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ فِيهِ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ الِابْنِ، وَلِذَلِكَ اخْتَصَّ بِوِلَايَةِ الْمَالِ، وَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مِنْ مَالِهِ.
وَلَهُ مِنْ مَالِهَا، إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ احْتِكَامٌ، وَاحْتِكَامُ الْأَصْلِ عَلَى فَرْعِهِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، وَفَارَقَ الْمِيرَاثَ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ النَّظَرُ، وَلِهَذَا يَرِثُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَلَيْسَ فِيهِ احْتِكَامٌ وَلَا وِلَايَةَ عَلَى الْمَوْرُوثِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.
[مَسْأَلَةٌ الْجَدّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُ أَحَقُّ بِالْوِلَايَةِ فِي النِّكَاح مِنْ الِابْنِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ]
(٥١٥٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْأَبِ وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوِلَايَةِ مِنْ الِابْنِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ وَمَنْ وَافَقَهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، أَنَّ الْأَخَ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَدِّ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يُدْلِي بِأُبُوَّةِ الْأَبِ، وَالْأَخَ يُدْلِي بِبُنُوَّةٍ، وَالْبُنُوَّةُ مُقَدَّمَةٌ
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَدَّ وَالْأَخَ سَوَاءٌ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمِيرَاثِ بِالتَّعْصِيبِ، وَاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقَرَابَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْوِلَايَةِ كَالْأَخَوَيْنِ، وَلِأَنَّهُمَا عَصَبَتَانِ لَا يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، فَاسْتَوَيَا فِي الْوِلَايَةِ كَالْأَخَوَيْنِ. وَلَنَا، أَنَّ الْجَدَّ لَهُ إيلَادٌ وَتَعْصِيبٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا، كَالْأَبِ، وَلِأَنَّ الِابْنَ وَالْأَخَ يُقَادَانِ بِهَا، وَيُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ مَالِهَا، وَالْجَدَّ بِخِلَافِهِ، وَالْجَدُّ لَا يَسْقُطُ فِي الْمِيرَاثِ إلَّا بِالْأَبِ، وَالْأَخُ يَسْقُطُ بِهِ وَبِالِابْنِ وَابْنِهِ، وَإِذَا ضَاقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute