وَلَنَا، مَا رَوَى سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ عِنْدَهُ يَتِيمَةٌ، فَخَافَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَاسْتَعَانَتْ بِنِسْوَةٍ فَضَبَطْنَهَا لَهَا، فَأَفْسَدَتْ عُذْرَتَهَا، وَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّهَا فَجَرَتْ. فَأَخْبَرَ عَلِيًّا، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إلَى امْرَأَتِهِ وَالنِّسْوَةِ، فَلَمَّا أَتَيْنَهُ، لَمْ يَلْبَثْنَ إنْ اعْتَرَفْنَ بِمَا صَنَعْنَ، فَقَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: اقْضِ فِيهَا يَا حَسَنُ فَقَالَ: الْحَدُّ عَلَى مَنْ قَذَفَهَا، وَالْعَقْرُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمُمْسِكَاتِ. قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ كُلِّفَتْ الْإِبِلُ طَحْنًا لَطَحَنَتْ. وَمَا يَطْحَنُ يَوْمئِذٍ بَعِيرٌ.
وَقَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، أَنَّ جَوَارِيَ أَرْبَعًا قَالَتْ إحْدَاهُنَّ: هِيَ رَجُلٌ، وَقَالَتْ الْأُخْرَى، هِيَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ الثَّالِثَةُ،: هِيَ أَبُو الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّهَا رَجُلٌ، وَقَالَتْ الرَّابِعَةُ،: هِيَ أَبُو الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّهَا امْرَأَةٌ. فَخَطَبَتْ الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّهَا أَبُو الرَّجُلِ إلَى الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّهَا أَبُو الْمَرْأَةِ، فَزَوَّجُوهَا إيَّاهَا فَعَمَدَتْ إلَيْهَا فَأَفْسَدَتْهَا بِأُصْبُعِهَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَجَعَلَ الصَّدَاقَ بَيْنَهُنَّ أَرْبَاعًا، وَأَلْغَى حِصَّةَ الَّتِي أَمْكَنَتْ مِنْ نَفْسِهَا، فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ، فَقَالَ: لَوْ وُلِّيت أَنَا، لَجَعَلْت الصَّدَاقَ عَلَى الَّتِي أَفْسَدَتْ الْجَارِيَةَ وَحْدَهَا. وَهَذِهِ قَصَصٌ تَنْتَشِرُ فَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَتْ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّ إتْلَافَ الْعُذْرَةِ مُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَإِذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَجَبَ الْمَهْرُ، كَمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ.
[مَسْأَلَة الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَأَيُّهُمَا عَفَا لِصَاحِبِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَهُوَ جَائِزُ الْأَمْرِ فِي مَالِهِ، بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ) اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهُ الزَّوْجُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَشُرَيْحٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْن سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْي، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ الْوَلِيُّ إذَا كَانَ أَبَا الصَّغِيرَةِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ، إذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ أَنَّهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، لِكَوْنِهَا قَدْ خَرَجَتْ عَنْ يَدِ الزَّوْجِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ عَفْوَ النِّسَاءِ عَنْ نَصِيبِهِنَّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَفْوُ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ عَنْهُ، لِيَكُونَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدًا، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ بِخِطَابِ الْأَزْوَاجِ عَلَى الْمُوَاجَهَةِ، بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] ثُمَّ قَالَ: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] وَهَذَا خِطَابُ غَيْرِ حَاضِرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute