عَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ بِالْقَطْعِ الْأَوَّلِ، فَوَجَبَتْ بِالثَّانِي حُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ ثُمَّ قَطَعَ الْكَفَّ، أَوْ قَطَعَ حَشَفَةَ الذَّكَرِ ثُمَّ قَطَعَ بَقِيَّتَهُ، أَوْ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ اثْنَانِ
(٦٩٤١) فَصْلٌ: فَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا فَأَشَلَّهَا، وَجَبَتْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَنْفَعَتَهَا، فَلَزِمَتْهُ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ أَعْمَى عَيْنَهُ مَعَ بَقَائِهَا، أَوْ أَخْرَسَ لِسَانَهُ. وَإِنْ جَنَى عَلَى يَدِهِ فَعَوَجَهَا، أَوْ نَقَصَ قُوَّتَهَا، أَوْ شَانَهَا، فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ لِنَقْصِهَا. وَإِنْ كَسَرَهَا ثُمَّ انْجَبَرَتْ مُسْتَقِيمَةً، وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لِشَيْنِهَا إنْ شَانَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ عَادَتْ مُعْوَجَّةً، فَالْحُكُومَةُ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ شَيْنَهَا أَكْثَرُ. وَإِنْ قَالَ الْجَانِي: أَنَا أَكْسِرُهَا ثُمَّ أَجْبُرُهَا مُسْتَقِيمَةً. لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ ثَانِيَةٌ. فَإِنْ كَسَرَهَا تَعَدِّيًا ثُمَّ جَبَرَهَا فَاسْتَقَامَتْ، لَمْ يَسْقُطْ مَا وَجَبَ مِنْ الْحُكُومَةِ فِي اعْوِجَاجِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ حِينَ انْجَبَرَتْ عَوْجَاءَ، وَهَذِهِ جِنَايَةٌ ثَانِيَةٌ، وَالْجَبْرُ الثَّانِي لَهَا دُونَ الْأُولَى، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا إذَا ذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ ثُمَّ عَادَ؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّ الضَّوْءَ لَمْ يَذْهَبْ، وَإِنَّمَا حَالَ دُونَهُ حَائِلٌ، وَهَا هُنَا بِخِلَافِهِ، وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي الْكَسْرِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ ثَانِيَةٌ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجِبَ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ ضَرَرَ الْعِوَجِ مِنْهَا، فَكَانَ نَفْعًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ بِقَطْعِ سِلْعَةٍ أَزَالَهَا عَنْهُ.
[فَصْلٌ كَانَ لَهُ كَفَّانِ فِي ذِرَاع أَوْ يَدَانِ عَلَى عَضُد وَإِحْدَاهُمَا بَاطِشَة دُون الْأُخْرَى]
(٦٩٤٢) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لَهُ كَفَّانِ فِي ذِرَاعٍ، أَوْ يَدَانِ عَلَى عَضُدٍ، وَإِحْدَاهُمَا بَاطِشَةٌ دُونَ الْأُخْرَى، أَوْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرُ بَطْشًا، أَوْ فِي سَمْتِ الذِّرَاعِ وَالْأُخْرَى مُنْحَرِفَةٌ عَنْهُ، أَوْ إحْدَاهُمَا تَامَّةٌ وَالْأُخْرَى نَاقِصَةٌ، فَالْأُولَى هِيَ الْأَصْلِيَّةُ، وَالْأُخْرَى زَائِدَةٌ، فَفِي الْأَصْلِيَّةِ دِيَتُهَا وَالْقِصَاصُ بِقَطْعِهَا عَمْدًا، وَالْأُخْرَى زَائِدَةٌ فِيهَا حُكُومَةٌ، سَوَاءٌ قَطَعَهَا مُفْرَدَةً أَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْأَصْلِيَّةِ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، لَا شَيْءَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ، فَهِيَ كَالسِّلْعَةِ فِي الْيَدِ. وَإِنْ اسْتَوَيَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، فَإِنْ كَانَتَا غَيْرَ بَاطِشَتَيْنِ، فَفِيهِمَا ثُلُثُ دِيَةِ الْيَدِ أَوْ حُكُومَةٌ، وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُمَا لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِمَا، فَهُمَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ.
وَإِنْ كَانَتَا بَاطِشَتَيْنِ، فَفِيهِمَا جَمِيعًا دِيَةُ الْيَدِ. وَهَلْ تَجِبُ حُكُومَةٌ مَعَ ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّائِدَةَ هَلْ فِيهَا حُكُومَةٌ أَمْ لَا؟ وَإِنْ قَطَعَ إحْدَاهُمَا، فَلَا قَوَدَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ هِيَ الزَّائِدَةَ، فَلَا تُقْطَعَ الْأَصْلِيَّةُ بِهَا، وَفِيهَا نِصْفُ مَا فِيهِمَا إذَا قُطِعَتَا لِتَسَاوِيهِمَا. وَإِنْ قَطَعَ إصْبَعًا مِنْ إحْدَاهُمَا، وَجَبَ أَرْشُ نِصْفِ إصْبَعٍ، وَفِي الْحُكُومَةِ وَجْهَانِ. وَإِنْ قَطَعَ ذُو الْيَدِ الَّتِي لَهَا طَرَفَانِ يَدًا مُفْرَدَةً، وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهِمَا، عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا نَقْصٌ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، كَالسِّلْعَةِ فِي الْيَدِ. وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ: لَا يَجِبُ؛ لِئَلَّا يَأْخُذَ يَدَيْنِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute