للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «كُنَّا نُنْهَى عَنْ ذَلِكَ. يَعْنِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . وَقَالَ سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ: أَدْرَكْت النَّاسَ وَهُمْ يَتَّقُونَ ذَلِكَ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْت أَلْقَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ قَامُوا فَصَلَّوْا أَرْبَعًا. وَرَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ، وَطَاوُسٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلُهُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ النَّاسَ يَنْتَظِرُونَ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ قَطْعُ النَّوَافِلِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهْهُ إذَا عَلِمْت انْتِصَافَ النَّهَارِ، وَإِذَا كُنْت فِي مَوْضِعٍ لَا أَعْلَمُهُ، وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ، فَإِنِّي أَرَاهُ وَاسِعًا. وَأَبَاحَهُ فِيهَا عَطَاءٌ فِي الشِّتَاءِ دُونَ الصَّيْفِ؛ لِأَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، وَذَلِكَ الْوَقْتُ حِينَ تُسَجَّرُ جَهَنَّمُ. وَلَنَا، عُمُومُ الْأَحَادِيثِ فِي النَّهْيِ.

وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ الرُّخْصَةُ فِي الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فِيهِ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَحَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ، رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا» . وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ. وَلِأَنَّهُ وَقْتُ نَهْيٍ، فَاسْتَوَى فِيهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهُ، كَسَائِرِ الْأَوْقَاتِ، وَحَدِيثُهُمْ ضَعِيفٌ، فِي إسْنَادِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَهُوَ مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّ أَبَا الْخَلِيلِ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.

وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْجُمُعَةَ. قُلْنَا: إذَا عَلِمَ وَقْتَ النَّهْيِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ شَكَّ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَعْلَمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[مَسْأَلَةَ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى]

(١٠٣٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى) يَعْنِي يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَالتَّطَوُّعُ قِسْمَانِ؛ تَطَوُّعُ لَيْلٍ، وَتَطَوُّعُ نَهَارٍ، فَأَمَّا تَطَوُّعُ اللَّيْلِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مَثْنَى مَثْنَى. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ شِئْت رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شِئْت أَرْبَعًا، وَإِنْ شِئْت سِتًّا، وَإِنْ شِئْت ثَمَانِيًا. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَبَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ تَسْلِيمَةٌ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.

[مَسْأَلَةٌ إنْ تَطَوَّعَ بِأَرْبَعٍ فِي النَّهَارِ فَلَا بَأْسَ]

(١٠٣٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ تَطَوَّعَ بِأَرْبَعٍ فِي النَّهَارِ فَلَا بَأْسَ) الْأَفْضَلُ فِي تَطَوُّعِ النَّهَارِ: أَنْ يَكُونَ مَثْنَى مَثْنَى. لِمَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيُّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>