للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي النِّكَاحِ بِمَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، فَكَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ عَلِمَ غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ فَالتَّغْرِيرُ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ. وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي عِلْمِ الْوَلِيِّ، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ بِالْعِلْمِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ

قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ: إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ غَرِمَ، وَإِلَّا اسْتَحْلَفَ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ؛ أَنَّهُ مَا عَلِمَ، ثُمَّ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ أَبًا، أَوْ جَدًّا، أَوْ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرَاهَا، فَالتَّغْرِيرُ مِنْ جِهَتِهِ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرَاهَا، كَابْنِ الْعَمِّ، وَالْمَوْلَى، وَعَلِمَ غَرِمَ، وَإِنْ أَنْكَرَ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ

وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَدَّتْ الْمَرْأَةُ مَا أَخَذَتْ، تَرَكَ لَهَا قَدْرَ مَا تُسْتَحَلُّ بِهِ، لِئَلَّا تَصِيرَ كَالْمَوْهُوبَةِ. وَلِلشَّافِعِي قَوْلَانِ، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالْقَاضِي. وَلَنَا، عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَغْرَمُ، أَنَّ التَّغْرِيرَ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَغْرَمْ، كَمَا لَوْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ. وَعَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِكُلِّ الصَّدَاقِ، أَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْهَا، فَرَجَعَ بِكُلِّ الصَّدَاقِ، كَمَا لَوْ غَرَّهُ الْوَلِيُّ. وَقَوْلُهُمْ: لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَرَاهَا. لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ عُيُوبَ الْفَرْجِ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ رُؤْيَتُهَا، وَكَذَلِكَ الْعُيُوبُ تَحْتَ الثِّيَابِ، فَصَارَ فِي هَذَا كَمَنْ لَا يَرَاهَا، إلَّا فِي الْجُنُونِ، فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى مَنْ يَرَاهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا. وَأَمَّا الرُّجُوعُ بِالْمَهْرِ، فَإِنَّهُ لَسَبَبٍ آخِرَ، فَيَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَتْهُ إيَّاهُ، بِخِلَافِ الْمَوْهُوبَةِ.

[فَصْلٌ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِهَا عَيْبٌ مِنْ عُيُوب النِّكَاح]

(٥٥١١) فَصْلٌ: إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِهَا عَيْبٌ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْتِزَامِ نِصْفِ الصَّدَاقِ، فَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ. وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الرُّجُوعِ الْفَسْخُ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَهَاهُنَا اسْتَقَرَّ الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ.

[مَسْأَلَة الْمُطَلَّقَة قَبْلَ الدُّخُولِ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَة]

(٥٥١٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا سُكْنَى لَهَا، وَلَا نَفَقَةَ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ لِمَرْأَةٍ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ. وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْفَسْخِ، كَمَا تَبِينُ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ، وَلَا يَسْتَحِقُّ زَوْجُهَا عَلَيْهَا رَجْعَةً، فَلَمْ تَجِبْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: «إنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ.

وَهَذَا إذَا كَانَتْ حَائِلًا، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فِي حَالِ حَمْلِهَا، فَكَانَتْ لَهَا النَّفَقَةُ كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُخْتَلِعَةِ. وَفِي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ

وَقَالَ الْقَاضِي: لَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>