للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل انْفَرَدَ بِالْغَنِيمَةِ مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ]

(٧٥٠٦) فَإِنْ انْفَرَدَ بِالْغَنِيمَةِ مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ، مِثْلُ عَبِيدٍ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ فَغَنِمُوا، أَوْ صِبْيَانٍ، أَوْ عَبِيدٍ وَصِبْيَانٍ، أُخِذَ خُمْسُهُ، وَمَا بَقِيَ لَهُمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمْ؛ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ؛ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا، فَأَشْبَهُوا الرِّجَالَ الْأَحْرَارَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ مَعَ غَيْرِهِمْ، فَلَا تَجِبُ مَعَ الِانْفِرَادِ، قِيَاسًا لِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى. وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ حُرٌّ، أُعْطِي سَهْمًا، وَفُضِّلَ عَلَيْهِمْ، بِقَدْرِ مَا يُفَضَّلُ الْأَحْرَارُ عَلَى الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ التَّفْضِيلِ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَهُ سَهْمٌ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا.

[مَسْأَلَةٌ يُسْهَمُ لِلْكَافِرِ إذَا غَزَا مَعَنَا]

(٧٥٠٧) قَالَ: (وَيُسْهَمُ لِلْكَافِرِ، إذَا غَزَا مَعَنَا) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي الْكَافِرِ يَغْزُو مَعَ الْإِمَامِ بِإِذْنِهِ، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ كَالْمُسْلِمِ. وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ الْجُوزَجَانِيُّ: هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الثُّغُورِ، وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِالصَّوَائِفِ وَالْبُعُوثِ. وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يُسْهَمُ لَهُ.

وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْجِهَادِ، فَلَمْ يُسْهَمْ لَهُ، كَالْعَبْدِ، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُ، كَالْعَبْدِ. وَلَنَا مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ فِي حَرْبِهِ، فَأَسْهَمَ لَهُمْ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ ". وَرُوِيَ: أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ، وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ، فَأَسْهَمَ لَهُ، وَأَعْطَاهُ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ، وَلِأَنَّ الْكُفْرَ نَقْصٌ فِي الدِّينِ، فَلَمْ يَمْنَعْ اسْتِحْقَاقَ السَّهْمِ، كَالْفِسْقِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْعَبْدَ؛ فَإِنَّ نَقْصَهُ فِي دُنْيَاهُ وَأَحْكَامِهِ.

وَإِنْ غَزَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَلَا سَهْمَ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى الدِّينِ، فَهُوَ كَالْمُرْجِفِ، وَشَرٌّ مِنْهُ. وَإِنْ غَزَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْكُفَّارِ وَحْدَهُمْ فَغَنِمُوا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ غَنِيمَتُهُمْ لَهُمْ، لَا خُمُسَ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا اكْتِسَابٌ مُبَاحٌ، لَمْ يُؤْخَذْ عَلَى وَجْهِ الْجِهَادِ، فَكَانَ لَهُمْ، لَا خُمُسَ فِيهِ، كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاحْتِطَابِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْخَذَ خُمُسُهُ، وَالْبَاقِي لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ غَنِيمَةُ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَشْبَهَ غَنِيمَةَ الْمُسْلِمِينَ.

[فَصْلٌ لَا يُسْتَعَانُ بِمُشْرِكٍ فِي الْحَرْب]

(٧٥٠٨) فَصْلٌ: وَلَا يُسْتَعَانُ بِمُشْرِكٍ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْجُوزَجَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ. وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>