لَمْ يَبِعْ الشُّفْعَةُ فِي الْجَمِيعِ. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ الشُّفْعَةَ فِيمَا بَاعَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَكَذَلِكَ هَلْ يَسْتَحِقُّ الثَّالِثُ الشُّفْعَةَ فِيمَا بَاعَهُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَهَلْ يَسْتَحِقُّ مُشْتَرِي الرُّبْعِ الْأَوَّلِ الشُّفْعَةَ فِيمَا بَاعَهُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ؟ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الثَّانِي شُفْعَةَ الثَّالِثِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، يَسْتَحِقَّانِ؛ لِأَنَّهُمَا مَالِكَانِ حَالَ الْبَيْعِ. وَالثَّانِي، لَا حَقَّ لَهُمَا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمَا مُتَزَلْزِلٌ يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ، فَلَا تَثْبُتُ بِهِ. وَالثَّالِثُ إنْ عَفَا عَنْهُمَا أَخَذَا، وَإِلَّا فَلَا. فَإِذَا قُلْنَا: يَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ. فَلِلَّذِي لَمْ يَبِعْ ثُلُثُ كُلِّ رُبْعٍ؛ لِأَنَّ لَهُ شَرِيكَيْنِ، فَصَارَ لَهُ الرُّبْعُ مَضْمُومًا إلَى مِلْكِهِ، فَكَمُلَ لَهُ النِّصْفُ، وَلِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الثُّلُثُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي شُفْعَةٍ.
وَلِلْبَائِعِ الثَّانِي وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي السُّدُسُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي شُفْعَةِ بَيْعٍ وَاحِدٍ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ.
[فَصْلٌ بَاعَ الشَّرِيكُ نِصْفَ الشِّقْصِ لِرَجُلِ ثُمَّ بَاعَهُ بَقِيته فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ]
(٤٠٨١) فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَ الشَّرِيكُ نِصْفَ الشِّقْصِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ بَاعَهُ بَقِيَّتَهُ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ فَلَهُ أَخْذُ الْمَبِيعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَلَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ لِكُلِّ عَقْدٍ حُكْمَ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَخَذَ الْأَوَّلَ، لَمْ يُشَارِكْهُ فِي شُفْعَتِهِ أَحَدٌ، وَإِنْ أَخَذَ الثَّانِي، فَهَلْ يُشَارِكُهُ الْمُشْتَرِي فِي شُفْعَتِهِ بِنَصِيبِهِ الْأَوَّلِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، يُشَارِكُهُ فِيهَا.
وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَقْتَ الْبَيْعِ الثَّانِي، يَمْلِكُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوَّلًا. وَالثَّانِي، لَا يُشَارِكُهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَسْتَقِرَّ، لِكَوْنِ الشَّفِيعِ يَمْلِكُ أَخْذَهُ. وَالثَّالِثُ، إنْ عَفَا الشَّفِيعُ عَنْ الْأَوَّلِ شَارَكَهُ فِي الثَّانِي، وَإِنْ أَخَذَ بِهِمَا جَمِيعًا لَمْ يُشَارِكْهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْهُ، اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ، فَشَارَكَ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ.
فَإِنْ قُلْنَا: يُشَارِكُ فِي الشُّفْعَةِ. فَفِي قَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، ثُلُثَهُ. وَالثَّانِي، نِصْفَهُ. بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي قِسْمَةِ الشُّفْعَةِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ أَوْ عَدَدِ الرُّءُوسِ. فَإِذَا قُلْنَا: يُشَارِكُهُ. فَعَفَا لَهُ عَنْ الْأَوَّلِ، صَارَ لَهُ ثُلُثُ الْعَقَارِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهِ، وَبَاقِيه لِشَرِيكِهِ. وَإِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْ الْأَوَّلِ، فَلَهُ نِصْفُ سُدُسِهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ ثُمْنُهُ، وَالْبَاقِي لِشَرِيكِهِ.
وَإِنْ بَاعَهُ الشَّرِيكُ الشِّقْصَ فِي ثَلَاثِ صَفَقَاتٍ مُتَسَاوِيَةٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ بَاعَهُ لِثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ، عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ. وَيَسْتَحِقُّ مَا يَسْتَحِقُّونَ. وَلِلشَّفِيعِ هَاهُنَا مِثْلُ مَا لَهُ مَعَ الثَّلَاثَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute