إذَا كَانَتْ مَعْلُوفَةٍ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا وَيَبْطُلُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي بِمَا إذَا عَلَفَهَا مَالِكُهَا عَلَفًا مُحَرَّمًا أَوْ أَتْلَفَ شَاةً مِنْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ وَتَسْقُطُ بِهِ الزَّكَاةُ
وَأَمَّا إذَا غَصَبَ ذَهَبًا فَصَاغَهُ حُلِيًّا، فَلَا يُشْبِهُ مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ، فَإِنَّ الْعَلَفَ فَاتَ بِهِ شَرْطُ الْوُجُوبِ وَالصِّيَاغَةُ لَمْ يَفُتْ بِهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهَا مُسْقِطَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُبَاحَةً فَإِذَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْإِسْقَاطِ، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ لَوْ عَلَفَهَا عَلَفًا مُحَرَّمًا لَسَقَطَتْ الزَّكَاةُ وَلَوْ صَاغَهَا صِيَاغَةً مُحَرَّمَةً لَمْ تَسْقُطْ فَافْتَرَقَا، وَلَوْ غَصَبَ حُلِيًّا مُبَاحًا فَكَسَرَهُ أَوْ ضَرَبَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِلزَّكَاةِ زَالَ. فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجِبَ، كَمَا لَوْ غَصَبَ مَعْلُوفَةً فَأَسَامَهَا وَلَوْ غَصَبَ عُرُوضًا فَاتَّجَرَ فِيهَا لَمْ تَجِبْ فِيهَا الزَّكَاةُ لِأَنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ شَرْطٌ، وَلَمْ تُوجَدْ مِنْ الْمَالِكِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَ مَالِكِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ النِّيَّةِ شَرْطٌ وَلَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ بِهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَ مَالِكِهَا، وَاسْتَدَامَ النِّيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِغَصْبِهَا وَإِنْ نَوَى بِهَا الْغَاصِبُ الْقُنْيَةَ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ أَوْجَبْنَا الزَّكَاةَ فَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُهَا لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ فِي يَدِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ، كَتَلَفِهِ
[فَصْلُ ضَلَّتْ وَاحِدَةٌ مِنْ النِّصَابِ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ غُصِبَتْ فَنَقَصَ النِّصَابُ]
(١٩٤٤) فَصْلٌ إذَا ضَلَّتْ وَاحِدَةٌ مِنْ النِّصَابِ أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ غُصِبَتْ فَنَقَصَ النِّصَابُ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ ضَلَّ جَمِيعُهُ أَوْ غُصِبَ لَكِنْ إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَعَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمَوْجُودِ عِنْدَهُ. وَإِذَا رَجَعَ الضَّالُّ أَوْ الْمَغْصُوبُ أَخْرَجَ عَنْهُ، كَمَا لَوْ رَجَعَ جَمِيعُهُ.
[فَصْلُ إنْ أُسِرَ الْمَالِكُ لِلزَّكَاةِ]
(١٩٤٥) فَصْلٌ وَإِنْ أُسِرَ الْمَالِكُ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ أَوْ لَمْ يُحَلْ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي مَالِهِ نَافِذٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَتَوْكِيلُهُ فِيهِ
[فَصْلُ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ وَقَدْ حَالَ عَلَى مَالِهِ الْحَوْلُ]
(١٩٤٦) فَصْلٌ: وَإِنْ ارْتَدَّ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فَعَدَمُهُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَالْمِلْكِ وَالنِّصَابِ وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ اسْتَأْنَفَ حَوْلًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ وَقَدْ حَالَ عَلَى مَالِهِ الْحَوْلُ فَإِنَّ الْمَالَ لَهُ وَلَا يُزَكِّيه حَتَّى يَسْتَأْنِفَ بِهِ الْحَوْلَ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ، فَأَمَّا إنَّ ارْتَدَّ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْهُ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَسْقُطُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةَ فَسَقَطَتْ بِالرِّدَّةِ كَالصَّلَاةِ