[فَصْلٌ أَخَذَ الْأُوَلُ الشِّقْصَ كُلَّهُ بِالشُّفْعَةِ فَقَدِمَ الثَّانِي فَقَالَ لَا آخُذُ مِنْك نِصْفَهُ بَلْ أَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِي]
(٤٠٧٧) فَصْلٌ: إذَا أَخَذَ الْأَوَّلُ الشِّقْصَ كُلَّهُ بِالشُّفْعَةِ، فَقَدِمَ الثَّانِي، فَقَالَ: لَا آخُذُ مِنْك نِصْفَهُ، بَلْ أَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِي وَهُوَ الثُّلُثُ. فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَبْعِيضُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَجَازَ، كَتَرْكِ الْكُلِّ فَإِذَا قَدِمَ الثَّالِثُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، فَيُضِيفَهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ، وَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ، فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الثَّانِي ثُلُثَ الثُّلُثِ، وَمَخْرَجُهُ تِسْعَةٌ، فَضَمَّهُ إلَى الثُّلُثَيْنِ وَهِيَ سِتَّةٌ، صَارَتْ تِسْعَةً ثُمَّ قَسَمَا التِّسْعَةَ نِصْفَيْنِ، لَا تَنْقَسِمُ، فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ، تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِلثَّانِي أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَرِيكَيْهِ سَبْعَةٌ.
وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَرَكَ سُدُسًا كَانَ لَهُ أَخْذُهُ، وَحَقُّهُ مِنْهُ ثُلُثَاهُ، وَهُوَ التِّسْعُ، فَتَوَفَّرَ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكَيْهِ فِي الشُّفْعَةِ، فَلِلْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ أَنْ يَقُولَا: نَحْنُ سَوَاءٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنَّا شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ، فَنَجْمَعُ مَا مَعَنَا فَنَقْسِمُهُ، فَيَكُونُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَإِنْ قَالَ الثَّانِي: أَنَا آخُذُ الرُّبْعَ. فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِذَا قَدِمَ الثَّالِثُ، أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ سُدُسٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ، فَضَمَّهُ إلَى ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ، وَهِيَ تِسْعَةٌ، يَصِيرُ الْجَمِيعُ عَشْرَةً فَيَقْتَسِمَانِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ، وَلِلثَّانِي سَهْمَانِ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ شِقْصًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ]
(٤٠٧٨) فَصْلٌ: إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ شِقْصًا، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي، أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ صَفْقَةُ الْمُشْتَرِي.
وَلَنَا، أَنَّ عَقْدَ الِاثْنَيْنِ مَعَ وَاحِدٍ عَقْدَانِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِلْكَهُ بِثَمَنٍ مُفْرَدٍ، فَكَانَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ، كَمَا لَوْ أَفْرَدَهُ بِعَقْدٍ، وَبِهَذَا يَنْفَصِلُ عَمَّا ذَكَرُوهُ. وَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ نَصِيبَ وَاحِدٍ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَقَالَ فِي الْأُخْرَى: يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَتَبَعَّضُ صَفْقَةُ الْبَائِعِ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا مُشْتَرِيَانِ، فَجَازَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، كَمَا بَعْدَ الْقَبْضِ.
وَمَا ذَكَرُوهُ لَا نُسَلِّمُهُ، عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْآخَرَ أَخَذَ نَصِيبَهُ، فَلَا يَكُونُ تَبْعِيضًا. فَإِنْ بَاعَ اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ، فَهِيَ أَرْبَعَةُ عُقُودٍ، وَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْكُلِّ، أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُمَا.
[فَصْلٌ بَاعَ شِقْصًا لِثَلَاثَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً]
(٤٠٧٩) فَصْلٌ: وَإِذَا بَاعَ شِقْصًا لِثَلَاثَةٍ، دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الثَّلَاثَةِ. وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدِهِمْ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ اثْنَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ كُلِّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ، فَلَا يَتَوَقَّفُ الْأَخْذُ بِهِ عَلَى الْأَخْذِ بِمَا فِي الْعَقْدِ